وصفيه وحبيبه وخليله،
ــ
وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (٩٣)﴾ [مريم: ٩٣ - ٩٣] وعبد بالعبادة وهو المقصود بقوله تعالى ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ﴾ [ص: ٤١] ومنه: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾ [الإسراء: ١]، وعبد الدنيا وأعراضها وهو المعتكف على خدمتها ومراعاتها وإياه قصد النبي ﷺ بقوله تعس عبد الدينار والعبودية إظهار التذلل والعبادة أبلغ منها لأنها غاية التذلل ولا يستحقها إلَّا من له غاية الإفضال وسيأتي لهذا المقام مزيد. قوله: (وصفيه) في النهاية صفى الرجل الذي يصافيه الود يخلصه له فعيل بمعنى فاعل أو مفعول. قوله: (وحبيبه) أي حبيبه الأكبر إذ محبة الله للعبد المستفادة من قوله تعالى: (﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ [المائدة: ٥٤] على حسب معرفته به، وأعرف الناس بالله نبينا فهو أحبهم له وأحقهم باسم الحبيب. وتقدم معنى المحبة من الله وحبيب فعيل من أحب فهو محب أو من حب يحب فهو حبيب. قوله: (وخليله) الخليل الصديق فعيل بمعنى فاعل وقد يكون بمعنى مفعول من الخلة بضم أوله الصداقة والمحبة التي تخللت القلب فصارت في خلاله أي باطنه وقيل هي تخلل مودة في القلب لا تدع فيه خلاء إلاّ ملأته أو من الخلة بالفتح الحاجة والفقر كذا يستفاد من النهاية لابن الأثير. وفي شرح الأربعين لابن حجر الهيتمي وخليله الأعظم بمعنى مفعول وكان الاقتصار عليه لكونه أنسب بمقام الأدب وأشرف بكونه ذا الخلة التي هي نهاية الأرب وهل مقام المحبة أرجح من مقام الخلة كما يؤذن به الاهتمام بتقديمه وعليه العارف ابن أبي جمرة في حديث الإسراء في كتابه بهجة النفوس وتحليها أو بالعكس ورجحه ابن القيم فقال: وظن أن المحبة أرفع وأن ابراهيم خليل وأن محمدًا حبيب غلط وجهل وما استدل به لتفضيل المحبة إنما يقتضي تفضيل ذات محمد على ذات إبراهيم ﷺ وهذا لا نزاع فيه إنما النزاع في الأفضلية المستندة إلى أحد الوصفين والذي قامت عليه الأدلة
استنادها إلى وصف الخلة الموجودة في
1 / 12