Futohatin Makkiya
الفتوحات المكية في معرفة الاسرار الملكية
Mai Buga Littafi
دار إحياء التراث العربي
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
1418هـ- 1998م
Inda aka buga
لبنان
قال ما يعطي عوارفه . . . لغني غير مبتئس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ' إن نفس الرحمن يأتيني من قبل اليمن ' قيل إن الأنصار نفس الله بهم عن نبيه صلى الله عليه وسلم ما كان فيه من مقاساة الكفار المشركين والأنفاس روائح القرب الإلهي فلما تنسمت مشام العارفين عرف هذه الأنفاس وتوفرت الدواعي منهم إلى طلب محقق ثابت القدم في ذلك المقام ينبئهم بما في طي ذلك المقام الأقدس وما جاءت به هذه الأنفاس من العرف النفس من الأسرار والعلوم بعد البحث بالهمم والتعرض لنفحات الكرم عرفوا بشخص إلهي عنده السر الذي يطلبونه والعلم الذي يريدون تحصيله وأقامه الحق فيهم قطبا يدور عليه فلكهم وأما ما يقوم به ملكهم يقال له مداوي الكلوم فانتشر عنه فيهم من العلم والحكم والأسرار ما لا يحصرها كتاب وأول سر أطلع عليه الدهر الأول الذي عنه تكونت اعلدهور وأول فعل أعطى فعل ما تقتضيه روحانية السماء السابعة سماء كيوان فكان يصير الحديد فضة بالتدبير والصنعة ويصير الحديد ذههبا بالخاصية وهو سر عجيب ولم يطلب على هذا رغبة في المال ولكن رغبة في حسن المآل ليقف من ذلك على رتبة الكمال وأنه مكتسب في التكوين فإن المرتبة الأولى من عقد الأبخرة المعدنية بالحركات الفلكية والحرارة الطبيعية زئبقا وكبريتا وكل متكون في المعدن فإنه يطلب الغاية الذي هو الكمال وهو الذهب لكن تطرأ عليه في المعدن علل وأمراض من يبس مفرط أو رطوبة مفرطة أو حرارة أو برودة تخرجه عن الاعتدال فيؤثر فيه ذلك المرض صورة تسمى الحديد أو النحاس أو الأسرب أو غير ذلك من المعادن فأعطى هذا الحكيم معرفة العقاقير والأدوية المزيل استعمالها تلك العلة الطارئة على شخصية هذا الطالب درجة الكمال من المعدنيات وهي الذهب فأزالها فصح ومشى حتى لحق بدرجة الكمال ولكن لا يقوى في الكمالية قوة الصحيح الذي ما دخل جسمه مرض فإن الجسد الذي يدخله المرض بعيد أن يتخلص وينقى الخلوص الذي لا يشوبه كدر وهو الخلاص الأصلي كيحيى في الأنبياء وآدم عليهما السلام ولم يكن الغرض إلا درجة الكمال الإنساني في العبودية فإن الله خلقه في أحسن تقويم ثم رده إلى أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فأبقوا على الصحة الأصلية وذلك أنه في طبيعته اكتسب علل الأعراض وأمراض الأغراض فأراد هذا الحكيم أن يرده إلى أحسن تقويم الذي خلقه الله عليه فهذا كان قصد الشخص العاقل بمعرفة هذه الصنعة المسماة بالكيمياء وليست سوى العنصرية ركب جسده من حار وبارد ورطب ويابس بل من بارد يابس وبارد رطب وحار رطب وحار يابس وهي الأخلاط الأربعة السوداء والبلغم والدم والصفراء كما هي في جسم العالم الكبير النار والهواء والماء والتراب فخلق الله جسم آدم من طين وهو مزج الماء بالتراب ثم نفخ فيه نفسا وروحا ولقد ورد في النبوة الأولى في بعض الكتب المنزلة على نبي في بني إسرائيل ما أذكر نصه الآن فإن الحاجة مست إلى ذكره فإن أصدق الأخبار ما روي عن الله تعالى فروينا عن مسلمة بن وضاح مسندا إليه وكان من أهل قرطبة فقال قال الله في بعض ما أنزله على أنبياء بني إسرائيل ' إني خلقت يعني آدم من تراب وماء ونفخت فيه نفسا وروحا فسويت جسده من قبل التراب ورطوبته من الماء وحرارته من النفس وبرودته من الروح قال ثم جعلت في الجسد بعد هذا أربعة أنواع أخر لا تقوم واحدة منهن إلا بالأخرى وهي المرتان والدم والبلغم ثم أسكنت بعضهن في بعض فجعلت مسكن اليبوسة في المرة السوداء ومسكن الحرارة في المرة الصفراء ومسكن الرطوبة في الدم ومسكن البرودة في البلغم ثم قال جل ثناؤه فأي جسد اعتدلت فيه هذه الأخلاك كملت صحته واعتدلت بنيته فإن زادت واحدة منهن على الأخرى وقهرتهن دخل السقم على الجسد بقدر ما زادت وإذا كانت ناقصة ضعفت عن مقاومتهن فدخل السقم بغلبتهن إياها وضعفها عن مقاومتهن فعلم الطب أن يزيد في الناقص أو ينقص من الزائد طلب الاعتدال في كلام طويل عن الله تعالى ذكرناه في الموعظة الحسنة فكان هذا الإمام من أعلم الناس بهذا النشء الطبيعي وما للعالم العلوي فيه من الآثار المودعة في أنوار الكواكب وسباحتها وهو الأمر الذي أوحى الله في السموات وفي اقترانها وهبوطها وصعودها وأوجها وحضيضها قال تعالى ' وأوحى في كل سماء أمرها ' وقال في الأرض ' وقدر فيها أقواتها ' وكان لهذا الشخص فيما ذكرناه مجال رحب وباع متسع وقدم راسخة لكن ما تعدت قوته في النظر الفلك السابع من باب الذوق والحال لكن حصل له ما في الفلك المكوكب والأطلس بالكشف والاطلاع وكان الغالب عليه قلب الأعيان في زعمه والأعيان لا تنقلب عندنا جملة واحدة فكان هذا الشخص لا يبرح يسبح بروحانيته من حيث رصده وفكره مع المقابل في درجه ودقائقه وكان عنده من أسرار إحياء الموات عجائب وكان مما خصه الله به أنه ما حل بموضع قد أجدب إلا أوجد الله فيه الخصب والبركة كما روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في خضر رضي الله عنه وقد سئل عن اسمه بخضر فقال صلى الله عليه وسلم ما قعد على فروة إلا اهتزت تحته خضراء وكان هذا الإمام له تلميذ كبير في المعرفة الذاتية وعلم القوة وكان يتلطف بأصحابه في التنبيه عليه ويسترعن عامة أصحابه ذلك خوفا عليه منهم ولذلك سمي مداوي الكلوم كما استكتم يعقوب يوسف عليهما السلام حذرا عليه من إخوته وكان يشغل عامة أصحابه بعلم التدبير ومثل ذلك مما يشاكل هذا الفن من تركيب الأرواح في الأجساد وتحليل الأجساد وتأليفها بخلع صورة عنها أو خلع صورة عليها ليقفوا من ذلك على صنعة الله العليم الحكيم وعن هذا القطب خرج علم العالم وكونه إنسانا كبيرا وأن الإنسان مختصره في الجرمية مضاهية في المعنى فأخبرني الروح الذي أخذت منه ما أودعته في هذا الكتاب أنه جمع أصحابه يوما في دسكرة وقام فيهم خطيبا وكانت عليه مهابة فقال افهموا عني ما أرمزه لكم في مقامي هذا وفكروا فيه واستخرجوا كنزه واتساع زمانه في أي عالم هو وإني لكم ناصح وما كل ما يدرى يذاع فإنه لكل علم أهل يختص بهم وما يتمكن الانفراد ولا يسع الوقت فلابد أن يكون في الجمع فطر مختلفة وأذهان غير مؤتلفة والمقصود من الجماعة واحد إياه أقصد بكلامي وبيده مفتاح رمزي ولكل مقام مقال ولكل علم رجال ولكل وارد حال فافهموا عني ما أقول وعوا ما تسمعون فبنور النور أقسمت وبروح الحياة وحياة الروح آليت إني عنكم لمنقلب من حيث جئت وراجع إلى الأصل الذي عنه وجدت فقد طال مكثي في هذه الظلمة وضاق نفسي بترادف هذه الغمة وإني سألت الرحلة عنكم وقد أذن لي في الرحيل فاثبتوا على كلامي فتعقلون ما أقول بعد انقضاء سنين عينها وذكر عددها فلا تبرحوا حتى آتيكم بعد هذه المدة وإن برحتم فلتسرعوا إلى هذا المجلس الكرة وإن لطف مغناه وغلب على الحرف معناه فالحقيقة الحقيقة والطريقة الطريقة فقد اشتركت الجنة والدنيا في اللبن والبناء وإن كانت الواحدة من طين وتبن والأخرى من عسجد ولجين هذا ما كان من وصيته لبنيه وهذه مسئلة عظيمة رمزها وراح فمن عرفها استراح ولقد دخلت يوما بقرطبة على قاضيها أبي الوليد بن رشد وكان يرغب في لقائي لما سمع وبلغه ما فتح الله به علي في خلوتي فكان يظهر التعجب مما سمع فبعثني والدي إليه في حاجة قصدا منه حتى يجتمع بي فإنه كان من أصدقائه وأنا صبي ما بقل وجهي ولا طر شاربي فعندما دخلت عليه قام من مكانه إلي محبة وإعظاما فعانقني وقال لي نعم قلت له نعم فزاد فرحه بي لفهمي عنه ثم إنيس استشعرت بما أفرحه من ذلك فقلت لله لا فانقبض وتغير لونه وشك فيما عنده وقال كيف وجدتم الأمر في الكشف والفيض الإلهي هل هو ما أعطاه لنا النظر قلت له نعم لا وبين نعم ولا تطير الأرواح من موادها والأعناق من أجسادها فاصفر لونه وأخذه الأفكل وقعد يحوقل وعرف ما أشرت به إليه وهو عين هذه المسئلة التي ذكرها هذا القطب الإمام أعني مداوي الكلوم وطلب بعد ذلك من أبي الاجتماع بنا ليعرض ما عنده علينا هل هو يوافق أو يخالف فإنه كان من أرباب الفكر والنظر العقلي فشكر الله تعالى الذي كان في زمان رأى فيه من دخل خلوته جاهلا وخرج مثل هذا الخروج من غير درس ولا بحث ولا مطالعة ولا قراءة وقال هذه حالة أثبتناها وما رأينا لها أربابا فالحمد لله الذي أنا في زمان فيه واحد من أربابها الفاتحين مغالق أبوابها والحمد لله الذي خصني برؤيته ثم أردت الاجتماع به مرة ثانية فأقيم لي رحمه الله في الواقعة في صورة ضرب بيني وبينه فيها حجاب رقيق أنظر إليه منه ولا يبصرني ولا يعرف مكاني وقد شغل بنفسه عني فقلت إنه غير مراد لما نحن عليه فما اجتمعت به حتى درج وذلك سنة خمس وتسعين وخمسمائة بمدينة مراكش ونقل إلى قرطبة وبها قبره ولما جعل التابوت الذي فيه جسده على الدابة جعلت تواليفه تعادله من الجانب الآخر وأنا واقف ومعي الفقيه الأديب أبو الحسين محمد بن جبير كاتب السيد أبي سعيد وصاحبي أبو الحكم عمرو ابن السراج الناسخ فالتفت أبو الحكم إلينا وقال ألا تنظرون إلى من يعادل الإمام ابن رشد في مركوبه هذا الإمام وهذه أعماله يعني توالفيه فقال له ابن جبير يا ولدي نعم ما نظرت لأفض فوك فقيدتها عندي موعظة وتذكرة رحم الله جميعهم وما بقي من تلك الجماعة غيري وقلنا في ذلكله من الجانب الآخر وأنا واقف ومعي الفقيه الأديب أبو الحسين محمد بن جبير كاتب السيد أبي سعيد وصاحبي أبو الحكم عمرو ابن السراج الناسخ فالتفت أبو الحكم إلينا وقال ألا تنظرون إلى من يعادل الإمام ابن رشد في مركوبه هذا الإمام وهذه أعماله يعني توالفيه فقال له ابن جبير يا ولدي نعم ما نظرت لأفض فوك فقيدتها عندي موعظة وتذكرة رحم الله جميعهم وما بقي من تلك الجماعة غيري وقلنا في ذلك
Shafi 207