حمل وذلك في آخر النهار فلم يزل يقاتل حتى قتل خمسة من وجوه القوم وفرسانهم وقتل (1) - رحمة الله عليه -. قال: فتقدم ابن عم له يقال له عامر بن بكير العدوي حتى وقف بين الجمعين، قال: ثم حمل فلم يزل يقاتل حتى قتل - رحمة الله عليه.
قال: واشتبك الحرب بين الفريقين فقتل من المسلمين زهاء عن ثلاثمائة رجل، وقتل من بني حنيفة جماعة، فأمسى القوم فرجع بعضهم عن بعض ولم ينم منهم أحد تلك الليلة لما يخافون من البيات، فلما كان من الغد دنا بعضهم إلى بعض، وتقدم محكم بن الطفيل هذا - وزير مسيلمة وصاحب أمره - فتقدم حتى وقف أمام أصحابه شاهرا سيفه، ثم حمل على المسلمين فقاتل قتالا شديدا، وحمل عليه ثابت بن قيس الأنصاري فطعنه في خاصرته طعنة نكسه عن فرسه قتيلا (2)، ثم جال الأنصاري في ميدان الحرب جولة، ثم حمل هذا الأنصاري في جماعة من بني حنيفة فلم يزل يقاتل حتى قتل - رحمة الله عليه -. قال: ثم تقدم السائب بن العوام أخو الزبير بن العوام ثم حمل، فلم يزل يقاتل حتى قتل - رحمة الله عليه.
ذكر البراء بن مالك أخي أنس بن مالك
قال: وكان البراء بن مالك فارسا بطلا لا يصطلى بناره، وكان إذا شهد الحرب وعاينها أخذته الرعدة (3) وينتفض انتفاضا شديدا حتى كان ربما يعقل بالحبال ويضبطه الرجال فلا يزال كذلك ساعة حتى يفيق، وإذا أفاق يبول بولا أحمر كأنه نقاعة الحناء، ثم إنه يثب قائما مثل الأسد فيقاتل قتالا شديدا لا يقوم له أحد، قال: فلما كان ذلك اليوم وعاين البراء بن مالك من شدة الحرب ما عاين أخذته الرعدة والنفضة، فلما أفاق (4) وثب ثم حمل على جميع بني حنيفة فجعل تارة يضرب بسيفه وتارة يطعن فيهم برمحه حتى قتل منهم جماعة ورجع إلى موقفه. قال: وصاحت بنو حنيفة بعضها ببعض وحملوا على المسلمين حملة منكرة حتى أزالوهم عن موقفهم
Shafi 28