228

ذكر خبر جبلة بن الأيهم الغساني وما كان من إسلامه ورجوعه عن دين الإسلام

قال: بعد قدوم عمر بن الخطاب من أرض الشام قدم عليه جبلة بن الأيهم الغساني في سبعين ومائة[ (1) ]رجل من قومه المتنصرة يريد الإسلام، حتى إذا قرب من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بني عمه من آل جفنة فركبوا الخيل العتاق وقلدوها قلائد الفضة وعقدوا في نواصيها عقود الجوهر وفي أذنابها ذوائب الحرير، وجبلة يومئذ على فرس له قد زين بمثل تلك الزينة، وعلى رأسه تاج، وفي تاجه يومئذ قرط مارية، ومارية جدته أم أبيه.

قال: وبلغ أهل المدينة قدوم جبلة بن الأيهم عليهم فاستبشرت الأنصار لذلك وتهيئوا الاستقباله واستأذنوا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ذلك فأذن لهم، قال:

ولم يبق بالمدينة بكر ولا ثيب[ (2) ]إلا خرجت للنظر إلى جبلة. قال: وأشرف جبلة على المدينة في موكب لم ير مثله، ثم إنه دخل على عمر بن الخطاب رضي الله عنه وشهد بشهادة الحق، فقربه عمر وأدنى مجلسه ورفع منزلته وفرح بإسلامه، وأمر الأنصار ببره وكرامته ففعلوا ذلك.

قال: وأقام جبلة بالمدينة إلى أن حضر وقت الحج، فخرج الحاج وخرج معه عمر ليقيم لهم أمر الحج، قال: وخرج جبلة أيضا فيمن خرج إلى الحج، ثم أمر بقبة له ديباجة صفراء فضربت له خارج الحرم، وكان زيه مشهورا بمكة لا ينظر إليه أحد إلا بعين الجلالة.

قال: فبينا جبلة ذات يوم يطوف بالبيت كما يطوف غيرهإذ وطئ رجل من فزارة على إزاره فانحل الإزار، والتفت إليه جبلة فضربه بكفه ضربة على وجهه هشم أنفه، فأقبل الفزاري إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ودمه يسيل من أنفه، فخبره بقصته.

قال: وبعث عمر إلى جبلة فأحضره ثم قال له: ويحك!ما حملك على ما [ (1) ]في الأغاني 15/163 «ألف من أهل بيته» وفي رواية أخرى في الأغاني والعقد الفريد 2/56 في خمسمئة.

[ (2) ]في الأغاني: «عانس» وفي العقد: النساء والصبيان.

Shafi 232