148

وبين كل فارس رامح وناشب، فجعلوا يزحفون نحو المسلمين والمسلمون يتأخرون عن نشابهم.

قال: ثم صاح خالد بن الوليد: يا أهل الإسلام!هذا يوم له ما بعده من الأيام وإن كان القوم في ستين ألفا والرجل منكم يحتاج إلى رجال منهم فغضوا أبصاركم وأقدموا على عدوكم ولا تتشاغلوا عنهم بسلب ولا غنيمة فعند الله مغانم كثيرة.

قال: ثم تقدم عمرو بن سعيد وكان من أفاضل الناس وفرسان المسلمين حتى وقف بين الجمعين ثم رفع صوته وقرأ: يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار*`ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير [ (1) ]يا أيها الناس اطلبوا الجنة فإنها نعم المأوى ونعم القرار ولنعم دار الأبرار؟ولمن هي يا قوم؟هي والله لمن شرى نفسه، وقاتل في سبيل الله!ثم نادى بأعلى صوته: إلي يا أهيل الإسلام!فأنا عمرو بن سعيد!ثم حمل هذا عمرو على الروم فقاتل قتالا حسنا، ثم رجع إلى المسلمين وقد أصابته ضربة على حاجبه الأيمن والدم يسيل من الضربة حتى ملأت عينه، فلم يستطع أن يفتح جفن عينه من الدم، فقال عبد الله بن قرط الثمالي: أبشر يا ابن أبي أجنحة[ (2) ]!فإن الله معافيك من هذه الضربة وموجب لك بها الجنة ومنزل نصره عليك وعلى المسلمين إن شاء الله، قال: فقال عمرو بن سعيد: أما النصر على الإسلام وأهله فقد أنزله الله تبارك وتعالى إن شاء الله، وأما أنا فجعل الله هذه الضربة شهادة وأهدى[ (3) ]إلي مثلها أخرى، فوالله إن هذه الضربة أحب إلي من مثل جبل أبي بقيس ذهبا أحمر!قال: ثم حمل عمرو بن سعيد هذا فلم يزل يقاتل حتى قتل-[ (4) ]رحمة الله عليه-.

قال: ثم تقدم خالد بن الوليد ومعه نخبة عسكر أبي عبيدة حتى وقف في القلب [ () ]

لا يبعدن كل فتى كرار # ماضي الجنان خشن صبار

حبوتهم بالخيل والأدبار # تقدم إقدام الشجاع الضاري

[ (1) ]سورة الأنفال: 15-16.

[ (2) ]كذا بالأصل، والصواب ابن أبي أحيحة (الأزدي) .

[ (3) ]عند الأزدي: وأهوى إلى أخرى مثلها.

[ (4) ]قتل وبه أكثر من ثلاثين ضربة، قطعوه بسيوفهم وكانوا حنقوا عليه. (الأزدي) . وقيل مات بأجنادين، وقيل مات بمرج الصفر (الإصابة) وذكرت فيه قصة عبد الله بن قرط يوم أجنادين. وفي الاستيعاب:

والأكثر على أنه قتل بأجنادين وانظر تاريخ خليفة.

Shafi 152