Futuh Misr da Magrib
فتوح مصر والمغرب
Mai Buga Littafi
مكتبة الثقافة الدينية
فقال له المقوقس: هذا ما لا يكون أبدا، ما تريدون إلا أن تتخذونا نكون لكم عبيدا ما كانت الدنيا.
فقال له عبادة بن الصامت: هو ذاك، فاختر ما شئت.
فقال له المقوقس: أفلا تجيبونا إلى خصلة غير هذه الثلاث خصال؟ فرفع عبادة يديه، فقال: لا وربّ هذه السماء وربّ هذه الأرض وربّ كل شىء، ما لكم عندنا خصلة غيرها، فاختاروا لأنفسكم.
فالتفت المقوقس عند ذلك إلى أصحابه، فقال: قد فرغ القوم فما ترون؟ فقالوا:
أو يرضى أحد بهذا الذلّ! أمّا ما أرادوا من دخولنا فى دينهم؛ فهذا ما لا يكون أبدا أن نترك دين المسيح ابن مريم وندخل فى دين غيره لا نعرفه، وأمّا ما أرادوا من أن يسبونا ويجعلونا عبيدا فالموت أيسر من ذلك؛ لو رضوا منا أن نضعف لهم ما أعطيناهم مرارا، كان أهون علينا.
فقال المقوقس لعبادة: قد أبى القوم فما ترى؟ فراجع صاحبك، على أن نعطيكم فى مرّتكم هذه ما تمنّيتم «١» وتنصرفون.
فقام عبادة وأصحابه، فقال المقوقس عند ذلك لمن حوله: أطيعونى وأجيبوا القوم إلى خصلة من هذه الثلاث، فو الله ما لكم بهم طاقة، ولئن لم تجيبوا إليها طائعين، لتجيبنّهم إلى ما هو أعظم كارهين.
فقالوا: وأىّ خصلة نجيبهم إليها؟ قال: إذا أخبركم، أمّا دخولكم فى غير دينكم، فلا آمركم به، وأما قتالهم فأنا اعلم أنكم لن تقووا عليهم، ولن تصبروا صبرهم، ولا بدّ من الثالثة؛ قالوا: أفنكون لهم عبيدا أبدا؟ قال: نعم تكونوا عبيدا مسلّطين فى بلادكم، آمنين على أنفسكم وأموالكم وذراريكم خير لكم من أن تموتوا من آخركم، وتكونوا عبيدا تباعوا وتمزّقوا فى البلاد مستعبدين أبدا، أنتم وأهلوكم وذراريكم، قالوا: فالموت أهون علينا.
1 / 91