87

ولا أقوى ولا أعظم لعموم حكمها المتعدي وغير المتعدي . ولما كانت الأنبياء صلوات الله عليهم لا تأخذ علومها إلا من الوحي الخاص الإلهي ، فقلوبهم ساذجة من النظر العقلي لعلمهم بقصورالعقل من حيث نظره الفكري ،عن إدراك الأمور على ما هي عليه .

والإخبار أيضا يقصر عن إدراك ما لا ينال إلا بالذوق. فلم يبق العلم الكامل إلا(1) في التجلي الإلهي وما يكشف الحق عن أعين البصائر (53 - ب) والأبصار من الأغطية فتدرك الأمور قديمها وحديثها ، وعدمها ووجودها، ومحالها وواجبها اوجائزها على ما هي عليه في حقائقها وأعيانها . فلما كان مطلب العزير على الطريقة الخاصة ، لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر. فلو طلب الكشف الذي ذكرناه ربما كان (2) لا يقع عليه عتب (3) في ذلك . والدليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه "أنى يحيي هذه الله بعد موتها" . وأما عندنا فصورته عليه السلام في قوله هذا كصورة إبراهيم عليه السلام في (4) قوله "رب(5) أرني كيف تحيي الموتى" . ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الذي أظهره الحق فيه في قوله تعالى "فأماته الله مائة عام ثم بعثه" فقال له "وانظر6) إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما" فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق، فأراه الكيفية . فسأل عن القدر الذي لا يدرك إلا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها ، فما أعطي ذلك فإن ذلك من خصائص الاطلاع الإلهي ، فمن المحال أن يعلمه إلا هو فإنها المفاتح الأول أعني مفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا هو وقد يطلع الله من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك.

Shafi 133