بحقائقها على معان مختلفة . فيدعو بها في الرحمة من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك الاسم لا غير ، لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل به عن غيره ويتميز . فإنه لا يتميز عن غيره وهو عنده دليل الذات ، وإنما يتميز بنفسه عن غيره لذاته ، إذ المصطلح عليه بأي لفظ كان حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها : وإن كان الكل قد سيق (1) ليدل على عين واحدة مسماة . فلا خلاف في أنه لكل اسم حكم ليس للآخر ، فذلك أيضا ينبغي أن (2) يعتبر كما تعتبر دلالتها على الذات المسماة . ولهذا قال أبو القاسم بن قسي في الأسماء الإلهية 81 -ب) إن كل اسم إلهي على انفراده مسمى بجميع الأسماء الإلهية كلها : اذا قدمته في الذكر (3) نعته بجميع الأسماء ، وذلك لدلالتها على عين واحدة وإن تكثرت الأسماء عليها واختلفت حقائقها ، أي حقائق تلك الأسماء . ثم ان الرحمة تنال على طريقين ، طريق الوجوب ، وهو قوله " فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاه" وما قيدهم به من الصفات العلمية والعملية (4) . والطريق الآخر الذي تنال به هذه (5) الرحمة طريق الامتنان الإلهي الذي لا يقترن به عمل وهو قوله " ورحمتي وسعت كل شيء " ومنه قيل " ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر " ، ومنها قوله "اعمل ما شئت فقد غفرت لك " فاعلم ذلك.
Shafi 180