Fusul Gharawiyya
الفصول الغروية في الأصول الفقهية
Shekarar Bugawa
1404 AH
ولا دليل على تعيين البعض فيبقى اللفظ مجملا مترددا بينها قال بعض الفضلاء ومن هذا يظهر ضعف حجة المفصل أعني المفصل الأول فإن المجاز عنده إنما يتحقق في المنفصل للبناء على الخلاف في الأصل السابق الثاني أن تخصيص العام يخرجه عن كونه ظاهرا وما لا يكون ظاهرا لا يكون حجة والجواب عن الأول أما أولا فبأنا لا نسلم أن كل تخصيص يوجب التجوز وقد سبق تحقيق القول فيه ولا يلزم حينئذ تساوي المراتب نظرا إلى اشتراكها في كونه حقيقة فيها أما في التخصيص بالوصف فلورود موجب العموم على المقيد فيفيد التناول لجميع أفراده وأما في الشرط والغاية فلأنهما من قيود الحكم فلا ينافيان عموم العام ولو سلم خروج بعض الافراد فإنما هو لإفادتها تقييد المورد كالوصف وأما في البدل فلوجود موجب العموم فيه وأما في الاستثناء فلأقربية لحوق الحكم المقصود بالباقي من لحوقه بما دونه أو لان ظاهر الاستعمال يقضي بكون المستعمل فيه مرادا أصاليا خالفناه في مورد التخصيص لقيام أمارته فيتعين الاخذ بمقتضاه في الباقي وأما ثانيا فبأن ما دون العموم من المراتب على تقدير كونها مجازات له ليست متساوية بل بعضها وهو الباقي أظهر مما دونه لكونه أقرب إلى العموم من حيث المعنى فيتعين بالترجيح ومن هذا يظهر الجواب عن الحجة الثانية أيضا فإن خروجه عن ظاهر العموم لا يقتضي أن لا يكون له ظاهر في مراتب التخصيص واعلم أنه قد يستشكل في المقام بأن قضية النزاع هنا أن يكون القول بعدم الحجية مطلقا والدليل المذكور يقتضي اختصاصه بالقول بكون العام المخصوص مجازا في الباقي إذ لا ينهض على من قال بكونه حقيقة فيه وأيضا الكلام في الفصل المتقدم يقتضي كونه حجة في الباقي لان كلا من الحقيقة والمجاز ظاهر في معناه والكلام هنا يقتضي الخلاف في الحجية وضعف هذا الكلام مما لا يكاد يخفى إذ لا نسلم أن النزاع هنا يقتضي أن يكون القول بعدم الحجية مطلقا إذ لا شاهد عليه أصلا بل مقصور على تقدير المجازية كما يشهد به الحجة المذكورة وحينئذ فتنهض على دفع القول بكونه حجة في الباقي لكونه حقيقة فيه بضميمة مبناها مع احتمال تعميم النزاع إلى القول بكونه حقيقة فيه أيضا نظرا إلى عموم الدليل الثاني والنزاع في كونه حقيقة في الباقي أو مجازا فيه لا يقتضي ظهوره فيه لجواز أن يكون حقيقة أو مجازا فيه مساويا لما دونه من المراتب الحقيقية أو المجازية وليس النزاع في الفصل المتقدم مبنيا على القول بالحجية كما سبق إلى بعض الأوهام لمنافاته الاحتجاج على عدمها بالمجازية ولبعضهم هنا كلام طويل تركناه لعدم الجدوى في إيراده و كذا حجج بقية الأقوال فصل اختلفوا في التمسك بالعام قبل استقصاء البحث عن المخصص فذهب الأكثرون إلى المنع بل نقل الحاجبي عليه الاجماع وجعل النزاع في مبلغ البحث وهو مردود بنقل جماعة مصير البعض إلى جواز العمل به قبل البحث مطلقا وربما وجهه بعضهم بأن مراد قائله وجوب الاعتقاد بعمومه قبل العمل و ظهور المخصص ثم إن لم يتبين فذلك وإلا تغير الاعتقاد ثم نسبه إلى غباوة قائله لخروجه عن مطارح العلماء ولا يخفى بعده ويحكى عن العلامة أن كلامه في التهذيب مشعر باختيار القول بالجواز مع استقرابه المنع في النهاية وكلامه في هذا المبحث من التهذيب وإن كان ظاهر في ذلك إلا أن عبارته فيه في مبحث المبين نص في المنع مع دعوى الاجماع عليه ومن متأخري أصحابنا من نص على جواز العمل به قبل البحث عن المخصص بل بكل دليل يحتمل المعارض قبل الفحص عنه ثم اختلف المانعون فذهب أكثرهم إلى كفاية فحص يغلب معه الظن بعدم المخصص وربما يتحصل من فحوى كلامهم هذا أنه لو حصل الظن بعدم المخصص قبل البحث كفي وهو قوي مع قوة الظن وقال القاضي لا بد من القطع بانتفائه ولا يكفي الظن به والحق عندي ما ذهب إليه الأكثرون من عدم جواز العمل بالعام قبل الفحص الموجب للظن بعدم المخصص والمعارض كما هو الأصل في كل دليل ظني يحتمل المعارض وهذه المسألة في الحقيقة من جزئيات تلك المسألة كما أشار إليه بعض الأفاضل إلا أنهم تداولوا إفرادها بالبحث نظرا إلى أن احتمال المعارض فيها أقوى لنا أن علمنا بوجود المخصص لأكثر العمومات التي بلغت إلينا كما يشهد به أدنى تتبع مع شيوع حكايته واستفاضة نقله من المتتبعين يوجب عدم الوثوق بعموم عام نصادفه بمجرد عدم مصادفة المخصص معه إذ يتساوى حينئذ عندنا احتمال كونه من العمومات المخصصة واحتمال كونه من غيرها إن لم يترجح الأول بالنظر إلى الغلبة المذكورة ولا دليل على حجية تلك العمومات مطلقا حتى عند عدم البحث وعدم الوثوق بعمومها لعدم مساعدة الاجماع والعقل على ذلك وهذا ظاهر وكذلك الكتاب والسنة إذ ليس فيهما ما يقتضي حجيتها حينئذ كما سنشير إلى البعض وأما بعد التتبع المورث للظن بالعدم فيتجه التعويل عليه إذ لو اعتبرنا العلم بذلك لزم العسر و الحرج المنفيان عن الشريعة السمحة وتفويت الوقت في تحصيل قليل من المسائل وطرح أكثر العمومات لعدم التمكن من تحصيل العلم بعدم المخصص فيها وهذا الدليل بعينه يجري في سائر الأدلة الظنية سواء كان ظنيتها من حيث السند كخبر الواحد أو من حيث المتن كالأمر والنهي والمطلق وغيرها من الظواهر اللفظية فإنا متى صادفنا شيئا منها لم نلتزم بمؤداه ما لم نبحث عن المعارض فنظن عدمه وذلك لعلمنا بوجود المعارض الوجود المساوي أو الراجح في كثير منها فنحتاج في تحصيل الظن بأن ما صادفناه ليس من جملتها إلى الفحص والتتبع واعلم أن القدر الكافي من الفحص والتتبع ما يحصل معه الظن والوثوق بعدم المعارض كما مر ويكفي فيه تتبع الأبواب التي هي مظان ذكر ما يتعلق بالحكم المقصود من الكتب المبوبة وربما يكفي فيه موافقة الأكثر والمعظم وعدم
Shafi 200