119

Fusul Gharawiyya

الفصول الغروية في الأصول الفقهية

Shekarar Bugawa

1404 AH

التكليف لا أصل العدم وذلك للقطع بحصول الاشتغال والشك في البراءة عنه وسقوطه فيستصحب الثاني أن الاستناد إلى الأصول الظاهرية إنما يصح حيث لا يعارضها ظاهر خطاب وقد عرفت أن الظاهر من إطلاق الامر عدم السقوط وأما ما ادعاه من أن ما أمر به بالامر الظاهري بدل عما أمر به بالامر الواقعي فممنوع إذ لا شاهد عليه على أنا نقطع بأن الصلاة بالطهارة اليقينية أو الظنية لم يؤمر بها من حيث كونها بدلا عن الصلاة بالطهارة الواقعية بل من حيث كونها هي فالاعتداد بالظن أو اليقين إنما هو من حيث كونه كاشفا عنها موصلا إليها وأما ما ثبت بدليته على تقدير العجز عن المبدل كالتيمم عن الوضوء وكالقعود وما بعده من الحالات المترتبة عن القيام فالدعوى متجهة فيه إذ الظاهر من البدلية عرفا ولغة سقوط الامر بالمبدل منه مطلقا نعم إذا كان الامر بالبدل على تقدير عدم التمكن من المبدل في تمام الوقت فعلم ذلك أو ظن حيث يعتبر الظن وأتى به ثم انكشف الخلاف رجع إلى الأصل السابق ثم لا يخفى أن الغرض الأصلي من هذا المبحث بيان كيفية دلالة الامر الذي هو دليل شرعي لا بيان حال البدل والمبدل اللذين هما فعل المكلف فالمسألة أصولية لا فقهية فصل اختلفوا في أن الامر بالامر بالشئ أمر للمأمور الثاني بذلك الشئ أو لا والحق أن مجرد الامر بالامر أو ما بمعناه كالايجاب لا يقتضي الامر لغة إلا إذا توقف صدور حقيقته من المأمور على الامر باتباعه فيه فيقتضي بظاهره الامر به بواسطة أمر المأمور لئلا يلزم الخروج عن ظاهر اللفظ أو التكليف بالمحال فلو قال له أوجب عليه كذا أو افرض عليه كذا أو قال أمره بكذا فإن كان المأمور الثاني ممن يجب عليه طاعة المأمور الأول ولو بنذر وشبهه أو كان المأمور الأول في الفرض الأخير أعلى مرتبة من المأمور الثاني بحيث يصح معه صدق الامر عرفا وإن تخلف عن الوجوب لو قلنا به لم يقتض الامر المذكور أمره بالاتباع لجواز صدوره ممن ليس له أهلية أمره أو الايجاب عليه وإلا أفاد بظاهره الامر به بواسطة أمر المأمور كما مر و يجوز أن يكون مفاده حينئذ ولو بالالتزام جعل سلطان وولاية له على المأمور الثاني بحيث يكون له الامر من قبل نفسه من غير حاجة إلى أن يكون مأمورا باتباعه ومن هذا الباب أمر الشارع ولي الصبي بأمره في موارده المقررة ولهذا يستحق الصبي معاقبة الولي عقلا وشرعا على تقدير مخالفته له دون معاقبة الشارع لعدم مخالفته له و أما عرفا فالظاهر منه الامر به مطلقا ما لم يقم قرينة على خلافه فإنهم يعدون الامر الثاني مبلغا لا منشأ للتكليف ومؤسسا كما يشهد به تتبع موارد استعماله وإن كان اللفظ باقيا على معناه الأصلي هذا إذا كان المأمور به مادة الامر ونحوه وأما إذا كان صيغة الامر كقوله قل له افعل كذا فالتحقيق أنه لا يقتضي الامر بالفعل لغة مطلقا إذ ليس معناه إلا الامر بإطلاق هذا القول نعم يقتضيه بحسب العرف كما مر هذا كله إذا أطلق الامر بالامر أما إذا قال له مره عني بكذا أو قال له عني افعل كذا فلا ريب في أنه يدل على أمر المأمور من قبله وأن المخاطب مبلغ عنه وإن قال مره من قبل نفسك أو قل له افعل كذا من قبل نفسك دل على عدم كونه مبلغا فإن كان المأمور له أهلية الامر وإلا كان قضية ظاهر الامر في الأول إعطاؤه أهلية ذلك كما مر و الظاهر أن هذين القسمين خارجان عن محل النزاع وأما ما احتج به النافون من قوله عليه السلام مروهم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين حيث لا وجوب على الصبيان ومن أنه لا تناقض بين قول القائل مر عبدك بأن يتجر وبين قوله للعبد لا تتجر فغير مناف لما بيناه كما عرفت ويلحق بما مر ما لو ترامت الأوامر أوامره بالامر به ندبا أو ندب إليه الامر به وجوبا أو ندبا ومثله الإباحة والارشاد وقس على الامر حال النهي والملفق منهما ولو مع غيرهما وقد يعد من فروع المسألة قول القائل مر عمرا ببيع عبدي فهل له أن يبيعه قبل أمره أو لا وكذا لو قال إنه وكيلي عن بيعه فصل إذا تعاقب أمران بمتماثلين فإن كان هناك ما يرجح الحمل على المرة تعين الحمل عليها نحو صل ركعتين صل الركعتين وكقول المولى لعبده اسقني ماء فإن ظهور اللام في العهد وقرينة المقام في الثاني شاهد على عدم إرادة التكرار و كذا إذا كان ظاهر الخطاب أو المقام مفيد الإرادة التأكيد و وحدة المطلوب وإلا حمل على التكرار سواء كان في اللفظ ما يرجح الحمل عليه كقوله صل ركعتين وصل ركعتين إذ التأكيد بالواو قليل وأولى منه العطف بالفاء وثم أو لم يكن لان التأسيس أظهر من التأكيد في متفاهم العرف وهذا التعليل غير مطرد والتحقيق أن يفصل حينئذ بين ما إذا أورد لكل منهما سببا مغايرا لسبب الاخر كما لو قال إن جاءك زيد فأعطه درهما ثم قال إن أكرمك فأعطه درهما فاتفق المجئ والاكرام أو ذكر لأحدهما سببا وأطلق الاخر واتفق حصول السبب فيختار التأسيس في هاتين الصورتين على التأكيد على إشكال في الصورة الأخيرة لاحتمال حمل المطلق فيها على المقيد لكنه ضعيف على ما سيأتي تحقيقه في مقامه وإلى ذلك ينظر القول بأصالة عدم تداخل الأسباب وبين ما إذا لم يذكر له سببا له أصلا أو ذكر السبب الأول بعينه فيبتني في هاتين الصورتين على التأكيد كل ذلك يظهر بالتأمل في محاورات العرف مضافا في الثاني إلى أصالة عدم تعدد التكليف فقد اتضح بما قررنا ضعف القول بالمرة مطلقا وضعف القول بالتكرار مطلقا القول في النهي فصل لفظ النهي عرفا ولغة عبارة عن طلب العالي من الداني ترك الفعل على سبيل الالزام فخرج الدعاء والالتماس لعدم الوصفين والكراهة لعدم الالزام ومن أدخلها فيه أسقطه من الحد والمراد بالفعل مطلق الحدث أعني مدلول المصدر على ما سبق في حد الامر فدخل نحو لا تترك باعتبار الترك لتعلق النهي به حقيقة وإن خرج عنه باعتبار الفعل المقيد به و خرج نحو اترك باعتبار الترك وإن دخل فيه باعتبار الفعل المقيد به على ما مر وأما نحو كف واكفف عن الزنا فهو من باب الأمر عندنا سواء أخذ الكف مطلقا أو مقيدا بالزنا لصدق حده عليه دون حد النهي وما زعمه بعض المعاصرين هنا من أنه نهي باعتبار كون الكف آلة لملاحظة حال الزنا فضعيف إذ ليس اكفف موضوعا لطلب الكف بهذا الاعتبار كيف وما ذكره معنى حرفي والكف المأخوذ فيها معنى اسمي ولو سلم فلا نسلم أنه يكون حينئذ نهيا لعدم

Shafi 119