حرب. ولم يكن في المدينة إلا الضعاف والنساء والأولاد والقليل من الرجال، لأن أكثر الناس في الحج، فذُعروا وخرجوا هائمين على وجوههم تاركين بيوتهم وأموالهم.
فنزل نامق باشا إلى مكة، وعقد مجلسًا عامًا أحضر فيه وجوه جدة ومكة وشيوخ القبائل وكبار المواطنين، وعرض عليهم الأمر وسألهم الرأي. فقال أكثرهم: إن الإسلام ولله الحمد قوي وأهله كثيرون. وذكروا له عدد قبائل الحجاز، مثل هُذَيل وثَقيف وحَرْب وغامِد وزَهْران، وقالوا له: لو تركتهم ينفرون نفيرًا عامًا لاجتمع منهم خمسون ألفًا، ولدفعوا عدوان الإنكليز وردّوهم على أعقابهم وأذاقوهم وبال أمرهم.
فقال لهم نامق باشا: هذا العدد الذي ذكرتموه صحيح، وربما كان في قبائل العرب أضعاف ما ذكرتم، ولكن إذا اجتمعت هذه القبائل فإن غاية ما يقدرون عليه أنهم يصلون إلى جدة ويدفعون هذا المركب، فيجيء غيره من مراكب الإنكليز وغيرهم من الدول فيعتدي على بقية المرافئ، وتكون حرب على الدولة العثمانية لا تملكون نيل النصر فيها، لأنكم لا تملكون سفنًا حربية ولا تقدرون على خوض المعارك الحربية، ثم إن جمع هذه القبائل يحتاج إلى مدة طويلة والأمر أعجل من ذلك.
فقال أحد التجار: إن من البحّارة في جدة من يستطيع الغوص والدخول تحت هذا المركب البحري، فيغرقه بالبرّامات التي تثقب فيه ثقوبًا.
قال الباشا: وما النفع من إغراقه، وإن نحن أغرقناه جاءنا
1 / 63