[فروض الله على المكلفين]
قال القاسم بن إبراهيم، صلوات الله عليه:
سألتم، يا ولدي، وفقكم الله للرشاد، عن أمهات فروض الله على من كلفهن من العباد، وأحببتم أن تعلموا من جملهن، أصولا كافية في تفسير كلهن، بقول جزم مختصر، قريب المأخذ والمدكر، ليس فيه حيرة ولا تخآؤل، ولا تكثر منه الأقوال.
فأول - يا بني- فرض الله على خلقه، ومقدمات أمهات فرضه، الإيقان لله بوحدانيته، والإقرار له بربوبيته، لأن من أقر لله بالربوبية عرف أنه لله عبد، ومن أيقن له بوحدانيته علم أنه ليس له والد ولا ولد، وبرئ عنده من مكافأة الأنداد ، وعز وجل ثناؤه عن مناوأة الأضداد، [لأنه] لا يكون من معه ند أو ضد، ومن له في الأوهام والد أو ولد، أحدا أبدا، وصمدا فردا.
وكيف يكون عند من توهم ذلك فيه سبحانه واحدا، وقد توهم معه أبا وابنا أو ندا أو ضدا، ومن شبه الله بشيء من خلقه، فقد خرج من المعرفة بالله وحقه، وجعل لله ندا مماثلا، وكفيا ونظيرا معادلا، في كل ما يشبهه به فيه من أوصاف الخلق في معنى واحد أوفي كل معنى، لأن في تشبيهه له سبحانه، بمعنى واحد من الخلق، إبطال الوحدانية، ومفارقة الأزلية، ومن جور الله في حكمه فقد أشرك به، إذ شبهه بالجائرين، وخرج بتجويره له في حكمه من توحيد الله رب العالمين، وكان بفريته على الله في ذلك من المشركين، حكمه حكمهم، واسمه اسمهم، لأنه أشرك بين الله وبين الجائرين في الجور، ومثله سبحانه بهم فيما مثل فيه بينه وبينهم من الأمور.
وكذلك كل تمثيل أو تشبيه قيل به فيما بين الله وبين خلقه فهو شرك بالله صريح، ومعنى شرك صاحبه به فهو شرك في اللسان صحيح، لأنه أشرك بين الله وغيره، قال به في ذات الله أو تجويره.
Shafi 363