تمكنت ميلادي من الهروب، بعد أقل من أسبوع، واختفى معها سجانها السيد فيلتون، وهو ضابط بحري سابق، صغير السن. وفي فجر اليوم التالي لهروبها، كانت على ظهر سفينة مغادرة إلى فرنسا.
وكان اللورد وينتر قد عهد إلى فيلتون بأسيرته الجميلة. وكانت وظيفة هذا السجان، الإشراف على وجبات طعام السجينة، وملاحظة تغيير الحراس كل ساعتين، وأن يحتفظ معه دائما، بمفاتيح زنزانتها. ولكن سرعان ما اكتشفت ميلادي أن فيلتون يمقت دوق بكنجهام، مقته السم؛ لأنه عارض في ترقيته أثناء خدمته في البحرية، وبذا أجبره على الخدمة على الشاطئ. وسريعا ما أشعلت ميلادي نار حقده، فاختلقت بعض الأكاذيب، وأخبرته بأنها هي أيضا من ضحايا ذلك الدوق. وقالت إنها استدرجت إلى إنجلترا بخدعة، ثم قبض عليها، وسجنت زورا بأوامر الدوق، لأنها رفضت أن تتزوجه؛ ومن ثم فقد سجنها الدوق ليعذبها حتى ترضخ له وتتزوجه.
وسرعان ما أثارت ميلادي عطف هذا السجان الصغير، بجمالها ودموعها وأكاذيبها. بعد ذلك، بوقت قصير، أقنعته بأن يقتل الدوق الشرير، وبذا يكون قد أدى عملا نبيلا؛ إذ سينقذ شرف فتاة بريئة مهيضة الجناح، وفي الوقت ذاته، يخلص إنجلترا من رجل قاس ظالم.
تأخر إخطار اللورد وينتر، لبضع ساعات، بهروب ميلادي، واختفاء فيلتون المفاجئ. وعلى الفور أرسل الخبر إلى بكنجهام، لتحذيره من الخطر المحدق به، ولكن بعد فوات الأوان؛ إذ نفذ القاتل فيلتون جنايته الشنيعة. وهكذا، أنجزت ميلادي المهمة الموكولة إليها، رغم سجنها؛ ومن ثم يقع إثم هذه الجناية عليها، وإن لم تكن هي المنفذة الفعلية للجريمة.
في ذلك اليوم نفسه، سافر لورد وينتر إلى فرنسا ليطارد ميلادي. ولم يكن من العسير عليه أن يتتبع حركات مثل هذه المسافرة الحسناء، التي كانت تدفع أجر الخدمات بالذهب، في مختلف الفنادق التي تنزل بها. فلما وصل إلى بيتون، لم يعثر عليها هناك؛ إذ كانت قد رحلت قبل وصوله بوقت قصير إلى أرمانتيير. ولكن، وكأن يد القدر قد تدخلت، التقى هناك آثوس وبورثوس وأراميس ودارتانيان، الذين تصادف وجودهم في بيتون لأمر خاص، فأخبرهم لورد وينتر بكل ما حدث.
قال اللورد وينتر: «وهكذا ترون أنه يجب اتخاذ الخطوات اللازمة للقبض على هذه المرأة الشريرة، ومعاقبتها بأسرع ما يمكن. هذا واجب ينبغي إنجازه؛ إذ اكتشفت حديثا، أنها هي التي تسببت في موت أخي؛ بأن دست له السم.»
هبت في تلك الليلة عاصفة هوجاء، غير أنه رغم الوابل المنهمر، خرج آثوس وحده في الظلام، وقام بجولة خاطفة في تلك القرية.
تأخر الذهاب إلى أرمانتيير، في الصباح التالي لبعض الوقت، إلى حين مجيء رجل طويل القامة، مقنع، يرتدي معطفا طويلا أحمر اللون. لم يتبين أي فرد من يكون ذلك الرجل، سوى آثوس الذي كان رئيس الفرقة.
ولم يقم آثوس بتعارفهم؛ لذا لم تكن ثمة أسئلة. وامتطوا جميعا خيولهم، وجاسوا في سكون خلال الوحل الكثيف والمطر الغزير.
انتهت مطاردة ميلادي في أرمانتيير، في وقت متأخر من ذلك المساء. وبدأت محاكمتها على الفور، بدون إجراءات رسمية. وكان الشهود هم آثوس وبورثوس وأراميس ودارتانيان ولورد وينتر والرجل الطويل المقنع. وصدر الحكم بالإعدام بيدي الجلاد العام.
Shafi da ba'a sani ba