Fasahar Iraniyya a Zamanin Musulunci
الفنون الإيرانية في العصر الإسلامي
Nau'ikan
ولعل أبين ما نلاحظه في الصور الإيرانية أن قوانين المنظور غير محترمة، وأن الصورة مكونة في مستوى واحد، وأن الفنان لا يعنى برسم أجزاء الجسم رسما يحترم فيه الطبيعة وعلم التشريح، ولا يكترث بتوزيع الضوء وبيان الظل، وإنما يفرط في توزيع الألوان التي تكسب الصورة حياة أخرى وبريقا بديعا وألوانا سحرية عجيبة.
ولا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نعتبر هذه الصفات عيوبا؛ فالواقع أنها جزء لا يتجزأ من الصور الإيرانية، وهي التي تميزها عن غيرها، وتجعل لها سحرها الخاص؛ ولذا فإننا - إذا أردنا أن نفهم الصور الإيرانية وأن نتذوقها - وجب علينا أن نعرف هذه الأصول والصفات، وأن نبتعد عن موازنة الصور الإيرانية بالصور الغربية. ولسنا نجهل أن ما عنيت به الفنون الكلاسيكية من الدقة في تصوير الطبيعة وأجزاء الجسم الإنساني ليس كل شيء في الفن، وإلا لأصبح التصوير الشمسي «الفتوغرافيا» أرقى الفنون وأدقها، وغدت جل نزعات الفنون الحديثة انحطاطا لا شك فيه.
بل إننا نستطيع أن نقرر في هدوء واطمئنان أن هذا العالم المجرد الذي تخلقه الصور الإيرانية ليس خرقا لحرمة الطبيعة كما يبدو لأول وهله، بل هو طبيعة ثانية، فيها ما فيها من ظرف وخيال ونضارة.
أجل إن إهمال قوانين المنظور وجهل الأساليب الغربية في توزيع الضوء والظل يجعلان الصور لا تبدو مجسمة كما نعرف في الفنون الكلاسيكية، والفنان الإيراني لا يعنى بتأثير الضوء ولكنه مأخوذ بعظمته؛ فنرى الضوء يسطع على كل شيء في الصورة الإيرانية بدون اختلاف أو تدرج أو توزيع، كما أن جل المناظر في الصور الإيرانية هادئة بل جامدة ولا حركة فيها؛ مما يكسبها شيئا من البساطة والسذاجة لا يتعارض مع ما نحسه فيها من الأرستقراطية والامتياز، ولكن علينا ألا ننسى أن تلك الصور زخرفية قبل كل شيء، وتوضيحية على الرغم من أننا قد نجد بها في بعض الأحيان شيئا من روح المزاح والتهكم.
وكان المصور الإيراني لا يكترث بظواهر الأشياء، وخير دليل على هذا مثال ضربه الأستاذ بنيون
Laurence Binyon ، وهو منظر رجل ينتشلونه ليلا من جب عميق كان مسجونا فيه؛
80
فالمصور الإيراني الذي يرسم هذا المنظر لا يفوته رسم النجوم لبيان جمال الليل، ولكنه يرسم كل ما عداها في وضح النهار، ولا يفوته أن يزيل جزءا من الأرض حتى نرى الرجل في الجب كما نرى الذين ينقذونه،
81
وهو في ذلك كله لا يتقيد بما يعرفه الغرب من أصول الرسم وقواعده.
Shafi da ba'a sani ba