Fasahar Iraniyya a Zamanin Musulunci
الفنون الإيرانية في العصر الإسلامي
Nau'ikan
ومن المخطوطات التي تتجلى فيها المميزات الفنية التي عرفناها في مدرسة هراة، شاهنامه في الجمعية الآسيوية الملكية بلندن، كتبت للأمير محمد جوكي ابن شاه رخ. وقد توفي هذا الأمير سنة 848ه/1445؛ فأكبر الظن أن المخطوط يرجع إلى ما قبل وفاته ببضع سنوات.
33
وفي المكتبة الأهلية بباريس مخطوط من ديوان السلطان حسين ميرزا مؤرخ من سنة 890ه/1485م. ويدل ما في صوره من المناظر الطبيعية، ورسوم العمائر، والسحنات المغولية، وانسجام الألوان على سمو الأساليب الفنية التي وفق إليها الفنانون من مدرسة هراة.
وفي المتحف المتروبوليتان بمدينة نيويورك مخطوط من كتاب «هفت بيكر» للشاعر نظامي يحتوي على صورة بديعة جدا تمثل بهرام جور يثبت لحبيبته فروسيته ومهارته في الرماية؛
34
وذلك بأن يلصق بسهم واحد حافر حمار الوحش بأذنه. وتمتاز هذه الصورة بحسن توزيع الأشخاص بين الصخور والتلال، وعليها اسم المصور العظيم بهزاد، ولكنها نسبة لا نظن أنها صحيحة؛ لأن الصورة - على الرغم من إتقانها - لا يتجلى فيها ما نعرفه عن أسلوب بهزاد مما سيأتي شرحه في الصفحات التالية. والواقع أننا نعرف أسماء بعض المصورين في مدرسة هراة، ولكنا لا نستطيع أن ننسب إلى أحدهم أي صورة في مخطوط معين. ولعل أعظم هؤلاء المصورين هو روح الله ميرك نقاش الذي يقال إنه كان أستاذا لبهزاد، والذي تنسب إليه صورتان في مخطوط من المنظومات الخمسة للشاعر نظامي مؤرخ من سنة 900ه/1494م.
35
وصفوة القول أن التصوير الإيراني في عصر تيمور وخلفائه خطا الخطوة الأخيرة في سبيل الكمال الذي بلغه على يد بهزاد وتلاميذه الذين حملوا لواء هذا الفن في صدر الدولة الصفوية، وذلك على الرغم من أن العاهلية التيمورية دب فيها الانحلال بعد وفاة شاه رخ وبدء النزاع بين خلفائه، حتى استولت قبائل التركمان على غربي إيران، وقامت دولة الأوزبك في بلاد ما وراء النهر، بل استطاعت أن تقضي على نفوذ خلفاء تيمور في شرقي إيران، ولكن هراة ظلت عاصمة التيموريين الذين تقلص نفوذهم بغير أن يؤثر ذلك في ازدهار صناعة التصوير؛ فكان حكم السلطان حسين ميرزا بيقرا بين عامي 873 و911 بعد الهجرة/1468-1506م من العصور الذهبية لتلك المدينة في الأدب والفن؛ فعمت شهرة بلاطه أنحاء القارة الآسيوية، واتصل به كثير من الشعراء والأدباء والموسيقيين، وكان هو ووزيره مير علي شير من أكبر رعاة التصوير في التاريخ الإيراني، حتى ظهر في خدمتهم بهزاد صاحب الآثار الفنية البديعة في التصوير الإسلامي. (6) بهزاد
ولد بهزاد في مدينة هراة سنة 854ه/1450م، وذاع صيته فيها، ونعم برعاية السلطان حسين بيقرا ووزيره مير علي شير، وظل يعمل في هراة حتى سقطت في يد الشاه إسماعيل الصفوي سنة 916ه/1510م؛ فانتقل معه إلى تبريز؛ حيث زاد نجمه تألقا، ونال من الشرف والفخار في خدمة الشاه إسماعيل، ثم ابنه طهماسب ما لم ينله مصور آخر في التاريخ الإسلامي.
وقد حفظ لنا أحد المؤرخين الإيرانيين نص البراءة التي تسلمها بهزاد حين عينه الشاه إسماعيل سنة 928ه/1522م مديرا لمكتبته الملكية ومجمع فنون الكتاب، فجعله رئيسا لكافة أمناء المكتبة ومن فيها من خطاطين ومصورين ومذهبين وغيرهم.
Shafi da ba'a sani ba