Fasahar Iraniyya a Zamanin Musulunci
الفنون الإيرانية في العصر الإسلامي
Nau'ikan
على أن الطراز الصفوي عني على الخصوص بالقصور وبتخطيط المدن وتشييد المرافق العامة، كما يتجلى في أصفهان التي عمل الشاه عباس الأكبر وخلفاؤه على تجميلها بالعمائر الجميلة التي تحيط بميدانها المتوسط «ميدان شاه»، فضلا عن الحدائق والأشجار المغروسة في الطرقات الطويلة المعبدة؛ مما جعل تلك المدينة آية في الحسن والنظام، كما يظهر من وصف الرحالة الفرنسي جان شاردان
Jean Chardin (1643-1713)، الذي زارها في عصرها الذهبي وأعجب بقصورها الأنيقة المشيدة في الحدائق الغناء ذات الفسقيات الجميلة، وما إلى ذلك مما امتازت به إيران، وكان الشعر الإيراني خير مرآة له.
ولم يعن الصفويون بتشييد القصور فحسب - كقصر جهل ستون وهشت بهشت وآينه خانه - بل عنوا أيضا بتشييد الأسواق والخانات في المدن الكبيرة والطرقات التجارية الرئيسية. والواقع أن معظم العمائر الإيرانية في العصر الصفوي من مساجد وأضرحة ومدارس وخانات وأسواق وقصور، تشترك في طابعها الفني العام وتمتاز بما فيها من الاتزان وجمال النسب.
أما جدران القصور الصفوية فكانت تكسى بتربيعات القاشاني المحلاة بأجزاء من موضوعات زخرفية، تكون في مجموعها صورا وثيقة الصلة بالصور التي كان ينتجها أعلام المصورين في ذلك العصر، كما كانت الأسقف والجدران تزين بالتطعيم أو النقوش على «اللاكيه».
وسوف نرى عند الكلام عن فنون الكتاب أنها وصلت إلى أوج عزها في بداية العصر الصفوي؛ فأصبحت إيرانية لحما ودما، وذاع صيت تبريز في إنتاج المصاحف الفنية الفاخرة وتذهيب صفحاتها الأولى والأخيرة فضلا عن رءوس السور وعلامات الأجزاء والأحزاب، وزاد إنتاج المخطوطات الجميلة من الشاهنامه ودواوين الشعراء ولا سيما نظامي وجامي وسعدي. وكان المذهبون يصيبون أبعد حدود التوفيق في دقة مزج الألوان وإتقان الرسوم الهندسية والفروع النباتية إتقانا يبدو فيه التوازن والتماثل، ولا يترك زيادة لمستزيد. ولا يظهر إتقان هذه الرسوم في المخطوطات فحسب، بل إننا نراه في تربيعات القاشاني على الجدران والقباب. أما المجلدون فقد أتقنوا إنتاج الجلود المذهبة ذات الطبقات والمناطق المختلفة البروز.
وكان المصور العظيم «بهزاد» حلقة الانتقال من الأسلوب التيموري في النقش والتصوير إلى الأسلوب الإيراني البحت في عصر الدولة الصفوية، ونبغ كثير من تلاميذه. وبدأت عادة تأليف المرقعات لجمع الصور المستقلة ونماذج الخطوط المنسوبة إلى أعلام الخطاطين والمصورين. ثم ظهر المصور رضا عباسي وتبعه كثيرون من الفنانين بأصفهان وغيرها من البلدان الإيرانية في رسم السيدات والغلمان ذوي القدود الممشوقة.
والواقع أن ازدهار فن النقش والتصوير كان له صداه في سائر ميادين الطراز الصفوي؛ فامتد نفوذ المصورين إلى رسوم السجاد والمنسوجات والخزف في القرنين العاشر والحادي عشر بعد الهجرة (السادس عشر والسابع عشر بعد الميلاد).
وسوف يأتي الكلام عن هذه الآثار الفنية النفيسة التي تعد من بدائع الفن الإيراني في عصوره المختلفة، فنرى السجاجيد الثمينة ذات الألوان الغنية والرسوم المختلفة الوثيقة الصلة بزخارف جلود الكتب، كما نرى المنسوجات ذات الزخارف التي تشبه رسوم المخطوطات، وتعبر عن غرام الإيرانيين بالحدائق وبالقصص المستمدة من تاريخهم الوطني.
ومما يمتاز به الطراز الصفوي في ميدان الأسلحة استخدام السيوف المقوسة عوضا عن السيوف المستقيمة العريضة التي استخدمت في عصر التيموريين، فضلا عن الخناجر الصفوية التي ذاع صيتها في أنحاء العالم الإسلامي بجمال زخارفها النباتية والحيوانية. •••
على أننا نود أن نتحدث عن بعض ميادين الطرز الإيرانية كوحدة قائمة بذاتها؛ ليتسنى لغير الأخصائيين من القراء أن يقفوا على بدائع ما أنتجه الإيرانيون في العمارة وفنون الكتاب والخزف والسجاد وغير ذلك، وليمكنهم أن يروا الطابع العام الذي يميز هذه الآثار الفنية عن غيرها في سائر الأقطار الإسلامية.
Shafi da ba'a sani ba