Fasahar Iraniyya a Zamanin Musulunci
الفنون الإيرانية في العصر الإسلامي
Nau'ikan
أما الرسوم النباتية فقد أتقنها الفنانون الإيرانيون، ووفقوا فيها توفيقا كبيرا؛ فكانت هذه الرسوم على يدهم أكثر مرونة وأقرب إلى الحقيقة الطبيعية منها في سائر الطرز الإسلامية، وقد نقل عنهم الفنانون في الطراز التركي العثماني هذه المهارة في رسم النباتات والأزهار. وحسبنا أن ندقق النظر في الزخارف النباتية ورسوم الزهور والأشجار في الصور التي خلفتها مدرسة هراة، أو في الخزف والمنسوجات النفيسة المصنوعة في إيران في القرنين العاشر والحادي عشر بعد الهجرة (السادس عشر والسابع عشر بعد الميلاد)، ثم في القاشاني والخزف والمنسوجات المصنوعة بآسيا الصغرى في الوقت نفسه لنتبين جمال العنصر النباتي في الزخارف الإيرانية.
والواقع أن الزخارف النباتية الإيرانية بدأت منذ القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي) في أن تكون مثالا صادقا للطبيعة، وأصاب الفنانون أقصى حدود النجاح في هذا السبيل، ولعلهم تأثروا بالأساليب الفنية الصينية التي تسربت إلى إيران على يد المغول وفي عصر الأسرات التي جاءت بعدهم في حكم الشعب الإيراني.
ومن أهم الرسوم النباتية التي استخدمها الإيرانيون في زخارفهم الوريدات والمراوح النخيلية (بالميت) واللوتس والشجيرات والرمان والأوراق، ولا سيما من نبات شوكة اليهود. وطبيعي أن هذه الرسوم النباتية أصابها ما أصاب غيرها في سائر الطرز الإسلامية من تحوير عن أصولها الطبيعية وتنسيق «وتهذيب»
Stylisation ، ولكنها كانت في الطرز الإيرانية أوثق صلة بنماذجها الطبيعية. ومن أبدع الرسوم النباتية والهندسية في بداية العصر الإسلامي في إيران ما نراه في الزخارف الجصية الجميلة بمسجد نايين (انظر شكل
1 ).
كما امتاز عصر الدولة الغزنوية بدقة الزخارف النباتية المكونة من الفروع والسيقان الممتدة في رشاقة واتزان، يمثلان أبدع ما نعرفه في «الأرابسك».
وكان توفيق الإيرانيين عظيما في استخدام الرسوم النباتية ورسوم الزهور، وفي الجمع بينها وبين سائر العناصر الزخرفية، ولا سيما في الصور وزخارف الخزف والسجاد. وفي عصر السلاجقة كان صناع التحف المعدنية يجمعون كثيرا بين الرسوم النباتية والزخارف الهندسية، ومن أعظم الرسوم النباتية شأنا في ذلك العصر ورق العنب ونبات شوكة اليهود (الأكانتس).
واستخدمت الفروع النباتية كثيرا في الزخارف الإيرانية كأرضية تقوم فيها عناصر أخرى آدمية أو حيوانية. وكانت رسوم الفروع النباتية في القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي) محلاة بالوريقات وبالزهور.
وقصارى القول أن الإيرانيين لم يهملوا العنصر النباتي في زخارفهم، وذلك على الرغم مما نعرفه عن سيادة العناصر الأخرى. والواقع أننا نستطيع أن نلاحظ بوجه عام أن الثقافة الفنية القديمة في البلاد التي قامت فيها الفنون الإسلامية كان لها أثر كبير في توجيه الزخارف الإسلامية فيها؛ فنرى مثلا أن الطرز الإسلامية التي ازدهرت في الشام ومصر وشمالي إفريقية والأندلس، قد قامت على أنقاض أساليب فنية هلينية ورومانية، فسادت فيها الزخارف النباتية والهندسية، بينما قامت الطرز الإسلامية في العراق وإيران على أنقاض الأساليب الفنية القديمة في هذين الإقليمين؛ ولذا غلبت عليها الزخارف الحيوانية والآدمية. (2) الصور الآدمية
لم تكن البيئة والعادات تساعد الفنان الإيراني منذ الزمن القديم على معرفة الجسم الإنساني ودراسته ورسمه وعمل التماثيل له، كما أتيح للفنان الإغريقي مثلا؛ فقد ورثت إيران - كما ذكرنا - الأساليب الفنية التي كانت سائدة في بلاد العراق والجزيرة في الأزمنة القديمة، وكان قوام الرسوم الآدمية في تلك الأساليب الفنية هو تجريد الجسم الإنساني، واتخاذه رمزا وعنصرا للإيضاح والتفسير والدلالة على جلال الملك وعظمة الإله.
Shafi da ba'a sani ba