بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الكتاب: فنون الأفنان في عيون علوم القرآن
المؤلف: الإمام العالم العلامة الجامع / أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي
(المتوفى ٥٩٧ هـ)
دار النشر: دار البشائر - بيروت - لبنان
الطبعة الأولى - ١٤٠٨ هـ - ١٩٨٧ م
عدد الأجزاء: ١
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
1 / 138
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رب يسر
قال الشيخ الِإمام العالم أبو الفرجِ عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي ابن الجوزي، قدَّسَ الله روحَة، ونَوَّرَ ضَريحَهُ آمين:
1 / 139
الحمد للهِ الذي أكرمنا بالتوحيد ودين الِإسلام، وأنزل إلينا أشرف
الكتب وأحسن الكلام، وجعله معجزًا في المعنى واللفظ والنظام.
مشتملًا على علوم حارت فيها عقول الأنام، فمنه ما يُوضح الحلالَ
ويُبيّنُ الحرام، ومنه وعدٌ على التُقى ووعيدٌ على الآثام، ومنه منسوخ
للابتلاء وناسخ للِإبرام، ومنه مجمل يُنبِّه الفكرَ ومُفَضَلٌ يصح
للأفهام، ومنه نص صريح، ومنه تنبيه على الْأَحكام، ومنه متشابه يجب
له التسليم، ومنه مخصوص بالِإحكام، ومنه أمر ونهي وخبر واستخبار
إلى غير ذلك من الأقسام.
1 / 140
أحمده إذْ ألهمنا حفظه ودراسته، وأشكره إذْ رزقنا مراعاة لفظه
وسياسته، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبْدُهُ
الذي اصطفاه ورسولُهُ الذي أرسله ونَبّأَهُ. صلى اللَّه عليه وعلى
آله، وعلى مَنْ صحبه وتابعه وصَدَّقَ برسالته والنور الذي أُنزلَ معه.
وسلمَ تسليمًا كثيرًا.
لما أَلَّفتُ كتابَ "التلقيح في غرائب علوم الحديث " رأيتُ أن
تأليف كتاب في عجائب علوم القرآن أولى، فشرعتُ في سؤال التوفيق
قبل شروعي، وابتهجت بما أُلهمته وأُلقي في رُوعي، وها أنا أُراعي
عرفان المنن، ومَنْ راعى رُوعي.
1 / 141
باب
ذِكرُ نُبذة من فضائل القرآن
أخبرنا هبة اللَّه بن محمد بن الحصين، قال: حدثنا الحسن بن
بن المذهب، قال: حدثنا أحمد بن جعفر القطيعي، قال:
أنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني
1 / 142
أبي، قال: أنا حجاج، قال: أنا شعبة، قال سمعتُ علقمة بن مَرْثد
يحدث عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن
عثمان بن عفان ﵁، عن النبي ﷺ أنه
قال: "خيركم مَنْ تعلَّم القرآن وعلَّمه " انفرد بإخراجه البخاري.
1 / 143
وروى عبد اللَّه بن عمر ﵄، عن النبي ﷺ أنه قال: "يقال لقارىء القرآن اقرأ وارْقَ ورَتَلْ كما كنت
1 / 145
ترتل في الدنيا، فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها".
وروى عقبة بن عامر عن النبي ﷺ أنه قال:
"لا يعذَبُ الله قلبًا وعى القرآن ".
1 / 146
وروى أنس عن النبي صلى الله عليد وسلم أنه قال: "إنَّ لله
أهلين من الناس، حملةُ القرآنِ هم أهل الله وخاصته ".
وروى ابن مسعود عن النبي ﷺ أنه قال:
"من قرأ حرفًا من كتاب اللَّه ﷿ فله به حسنة، والحسنة بعشر
أمثالها، لا أقول ألم حرف، ولكنْ ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف ".
1 / 147
وروت عائشة عن النبي ﷺ أنه قال: "من
تعلَّم القرآنَ وحفظه أدخله اللَّهُ الجنةَ، وشَفَّعهُ في عشرةٍ من أهل بيته.
كلٌ قد استوجَبَ النارَ".
1 / 148
باب في أن القرآن غير مخلوق
أخبرنا عبد اللَّه بن علي المقري، قال: حدثنا عبد الملك بن
أحمد السيوري، قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن محمد الخلال.
قال: حدثنا أبو بكر بن أحمد بن إبراهيم، قال: حدثنا أبو الطيب
محمد بن الحسين بن حميد، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن سلام
الأدمي، قال: حدثنا عبد الملك بن عبد ربه الخواص، قال: حدثنا
1 / 149
الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن
أبي الدرداء قال: سألتُ رسول الله ﷺ عن القرآن.
فقال: "كلام اللَّه غير مخلوق ".
1 / 150
وروى جابر بن عبد اللَّه أن رسول الله ﷺ كان
يعرض نفسه بالموقف ويقول: "ألا رجل يحملني إلى قومه فإن قريشًا قد
منعوني أن أُبلِّغ كلام ربي ".
ورُوي عن أبي بكر الصديق ﵁ أنه خرج إلى قريش
بقوله تعالى: (الم غلبت الروم)، فقالوا هذا من كلام صاحبك
قال: (لا واللَّه! ولكنه كلام اللَّه تعالى) .
1 / 151
وقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه،: القرآن كلام الله
تعالى فضعوه في مواضعه.
وقال عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه: لو طهرتم قلوبكم
ما شبعتم من كلام ربكم.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه،:
ما حكَمتُ مخلوقًا إنما حكمت القرآن.
1 / 152
وقال ابن، عباس في قوله تعالى: (قرآنًا عربيًا غير ذي عوج)، قال: غير مخلوق.
وقال علي بن الحسين: هو كلام اللَّه ليس بخالق، ولا مخلوق.
وروى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال: أدركتُ
الناس، وكان قد أدرك أصحاب رسول اللَّه ﷺ فَمَنْ
1 / 153
دونهم؛ منذ سبعين، سنة، كلهم يقولون: اللَّهُ جل اسمُهُ الخالق.
وما سواه مخلوق إلا القرآن فإنه كلام الله تعالى.
وقال يحيى بن خلف: كنت عند مالك بن أنس.
فجاءه رجل فقال: ما تقولُ فيمن يقول القرآن مخلوق، فقال: زنديق
كافر، اقتلوه.
وقال الحسن بن ثواب: سألت أحمد بن حنبل: ما تقول في
1 / 154
القرآن، فقال: كلام اللَّه غير مخلوق.
قلتُ: فما تقول فيمن قال مخلوق، قال: كافر
وسأله عباس العنبري فقال: قوم حدثوا، يقولون: لا نقول
مخلوق، ولا غير مخلوق، فقال: هؤلاء قوم سوء
1 / 155
وقرأتُ على أبي الفضل محمد بن ناصر الحافظ، عن
أبي القسم عبد الرحمن بن أبي عبد الله بن منده عن أبيه، قال:
إن الصحابة والتابعين وأئمة الأمصار، قرنًا بعد قرن إلى عصرنا هذا.
أجمعوا، على أن القران كلام الله غير مخلوق، ومن قال غير ذلك
كفر.
1 / 156
قال المصنف،: ونحن نقتصر على ذكر ما ثبت من طريق
السند.
1 / 158
ذكر ما انتهى إلينا من قول الصحابة في ذلك
أبو بكر الصديق، عمر بن الخطاب، عثمان بن عفان، علي بن أبي طالب، عبد الله بن مسعود، خَبّاب بن الْأَرَت.
عبد اللَّه بن عباس، عبد الله بن عمرو، عبد الله بن عمر،
1 / 159