Fundamentals and Methods of Da'wah 3 - Al-Madinah International University
أصول الدعوة وطرقها ٣ - جامعة المدينة
Mai Buga Littafi
جامعة المدينة العالمية
Nau'ikan
أيقن النبي ﷺ أنه رسول الله بعد أن نُقشت تلك الآيات من سورة اقرأ في صدره، وبعد حديث ورقة بن نوفل له، وازداد يقينه بعد نزول الآيات الأولى من سورة المدثر، فقد روى جابر بن عبد الله الأنصاري وهو يحدِّث النبي ﷺ عن فترة الوحي فقال في حديثه: «بينا أنا أمشي إذ سمعت صوتًا من السماء، فرفعت بصري فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض، فرعبت منه فرجعت فقلت: زملوني، فأنزل الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر*قُمْ فَأَنذِر﴾ (المدَّثر: ٢) إلى قوله: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُر﴾ (المدَّثر: ٥) فحمي الوحي وتتابع».
وهذه الآيات الأولى في سورة المدثر، فيها الأمر من الله ﷾ لمحمد ﷺ بإنذار البشر، ودعوتهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، فهي تمثل في حياة محمد ﷺ حدًّا فاصلًا بين عهدين، عهد ما قبل البعثة الذي يمثل أكثر عمره ﷺ والذي لم يكن فيه مكلفًا من الله تعالى بشيء، وعهد ما بين البعثة الذي يمثل أخطر وأصعب مرحلة في حياته ﷺ؛ لأنها مرحلة تغيير طريق البشرية، وهي مرحلة خطيرة عندما نتصورها بكل أبعادها، فها هي الأوامر الربانية تأمره ﷺ أن يترك عهد النوم، وأن يشمّر عن ساعد الجد، ليس لتغيير عقيدة قومه فحسب، بل لتغيير مسار البشرية بأكمله، ونقل تلك البشرية من طريق الهلاك والردى الذي كانت تتردى فيه، إلى طريق النجاة الذي يؤدي إلى سعادة الدنيا، والنجاة العظمى في الآخرة.
وهذه المهمة وهذا التكليف الإلهي لم يكن يسيرًا، بل كانت دونه من الصعوبات والأخطار ما لا يستطيعه أحد سوى محمد ﷺ الذي اختاره الله تعالى لهذه المهمة الشاقة، ونجح فيها -كما يشهد التاريخ- أيما نجاح، ووضع البشرية على الطريق الصحيح، وأوضح لها السبيل الحق وأنار لها الطريق، ولم يعد لفرد أو جماعة أو فئة عذر في تنكب طريق الحق، والزيغ عن الهدى والنور.
1 / 102