كيف وقع فى أفكار الناس وجدان الله عز وجل: ١ — إن الرواقيين يحدون الجوهر 〈الإلهى〉 بأنه روح عقلى، نارى، ليس له صورة، وأنه يقدر أن يتصور بأى صورة أراد، ويتشبه بالكل. ٢ — ووقع ذلك فى أفكارهم: أما أولا فمن قبل جنس الظاهرات، إذ كان عندهم أنه ليس شىء من الحيوان باطلا، ولا بالاتفاق، ولكن بعلة ما صانعة له. وقد يظهر أن العالم حسن فى شكله وفى لونه وفى عظمه وفى اختلاف رتبة الكواكب. ٣ — وذلك أن شكل العالم كرى، والشكل الكرى يتقدم على جميع الأشكال، لأنه وحده تتشابه أجزاؤه وذلك أنه مستدير وأجزاءه مستديرة: ولذلك على رأى أفلاطن صار العقل الرئيسى فى الرأس. ٤ — ولون العالم أيضا اسمانجونى وهو صقيل فى كيفيته، ولذلك يرى لونه فى الهواء على بعد مسافة. وهو أيضا عظيم 〈فى جماله〉 جدا، وذلك أن الأشياء المتجانسة أفضلها ما كان محتوى عليها. وجمال العالم ظاهر أيضا فيما يرى فيه من الحيوانات والنبات والأشجار وغير ذلك. ٦ — 〈ومما يزيد فى بهاء العالم ما يبدو لنا فيه〉. وأما الفلك المائل الذى فى السماء فمن البين أنه زين بصور مختلفة. فان فيه، على ما قال الشاعر: صورة السرطان، ويتلوه الأسد، وبعده الجارية البكر، ثم العقرب، والرامى بالقوس، وبعده الجدى، 〈و〉مسكب الماء، ويتلوه سمكتان لكوكبين، وبعدهما كبش، وبعده ثور، وبعد الثور توأمان ٧ — وصور أخر كثيرة على مشابهة ما يوجد فى العالم. ولذلك قال أوربيدس إن السماء المكوكبة نور على الزمان، وجمال سفير من صنعة صانع حكيم ٨ — فوقع من ذلك وجدان الله فى الأفكار. وذلك أن الشمس والقمر وباقى الكواكب إذا اتحركت الحركة التى تخصها كان طلوعها فى صورة ثابتة على حال واحدة وألوان واحدة ومقادير متساوية فى أماكن وأزمان هى بأعيانها. ٩ — وكذلك الذين وضعوا لنا كتاب وصفوا لنا ذلك من ثلاثة ألوان: أحدهما طبيعى، والثانى على طريق الأمثال، والثالث على الطريق المأخوذ عن النواميس. والأمر الطبيعى يدبره ويتقلده الفلاسفة. وأما الأمر الذى يجرى مجرى الأمثال فمأخوذ من الشعراء. وأما الأمر المأخوذ عن النواميس فانه موجود فى كل مدينة. ١٠ — وجميع هذا الذى ذكرنا يدخل سبعة أقسام: الأول منها من الظاهرات إلى العلو، فانه وقع وجدان الله فى الأفكار من الكواكب الظاهرة. فانهم لما وجدوا هذه الكواكب عللا لاتفاق عظيم ورأوها مرتبة ويكون عن ترتيبها نهار وليل وشتاء وصيف وتحيا بها الحيوانات الأرضية و〈غير〉 ذلك ١١ — ظن بها أن السماء تقوم لها مقام الأب، وأن الأرض تقوم لها مقام الأم، من قبل أنها تقبل ذلك وتولد منه. ولما رأوا الكواكب تتحرك ذاتيا وتنير وأن الشمس والقمر علة بصر، 〈جعلوا منهما أسماء آلهة، وهى مشتقة من كلمة «ثيين Θέειν»〉. ١٢ — وأما الثانى والثالث فمن جهة الضر والنفع؛ والنافعة منها المشترى، والتى تسمى ايرا، واراميس، وديمطرا؛ وأصحاب الضر الذين يسمون هم بوناس وارنيواس والمريخ — وينتمى اليها أنها إذا اشتركت كانت الأمور بها عسرة مكروهة ١٣ — وجعلوا زيادة على ذلك رابعا وخامسا وهى معانى الأشياء والانفعالات التى تعرض بسببها مثل العشق والحب، فانهم أضافوه إلى الزهرة، ونيل الرجاء، فانهم أضافوه إلى اريميا. ١٤ — وأما السادس فانهم أخذوه من شىء افتعلته الشعراء وذلك أن اسيودس أراد أن يجعل جميع الكائنات إنما تولدت عنه فولدت فى ذلك أجنن أربعة أى الذين يسمون: قويون وقريون وهو بريون وإيابتون ولذلك سمى مثلا. ١٥ — وأما السابع وهو آخر〈ها〉 فانه مأخوذ من المنافع المشتركة الموجودة فى العالم من إكرام هؤلاء الذين يصورون الناس مثل ارقليس ومثل ديسقرس ومثل ديونسيس وذكروا أنهم فى صورة الناس، إلا أن الجواهر الإلهية أعلى وأفضل من جميع الأشياء. والإنسان أفضل جميع الحيوان لأنه مزين بالفضائل زينة كبيرة مختلفة. فرأوا أن الأجود أن يشبه من كانت له السابقة فى فضل الجزء أفضل الحيوان.
[chapter 8: I 7]
Shafi 110