[المبحث الحادي عشر تقويم الخطيب لخطبه]
المبحث الحادي عشر
تقويم الخطيب لخطبه إن ما وهبه الله تعالى للإنسان من جوارح، من سمع، وبصر، وغير ذلك ينبغي أن يكون شاهدا عليه، مقوما لعمله، ولهذا قال الحسن البصري ﵀: " المؤمن قوام على نفسه يحاسب نفسه " (١) .
وعنه: " لا تلقى المؤمن إلا يحاسب نفسه، ماذا أردت تعملين؟ وماذا أردت تأكلين؟ وماذا أردت تشربين؟ والفاجر يمضي قدما لا يحاسب نفسه " (٢) .
وعنه أيضا: " إن العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة من همته " (٣) .
وقال ميمون بن مهران: " لا يكون العبد تقيا حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه " (٤) .
وقد دل على وجوب محاسبة النفس، وتقويمها، والنظر في الأعمال وتسديدها قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾ [الحشر: ١٨]
قال قتادة: " ما زال ربكم يقرب الساعة حتى جعلها كغد " (٥) .
وقال جل وعلا: ﴿بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ - وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ﴾ [القيامة: ١٤ - ١٥]
عن قتادة في معنى الآية: إذا شئت رأيته بصيرا بعيوب الناس وذنوبهم غافلا عن ذنوبه، قال: وكان يقال: إن في الإنجيل مكتوبا: يا ابن آدم تبصر
(١) إغاثة اللهفان (١ / ٧٩)، إحياء علوم الدين (٤ / ٤٠٤) .
(٢) إغاثة اللهفان (١ / ٧٨) .
(٣) إغاثة اللهفان (١ / ٧٨) .
(٤) المصدر نفسه.
(٥) تفسير ابن جرير (١٢ / ٥)، وانظر: إغاثة اللهفان (١ / ٨٤) .