ولكن الخرافة تنزع هذا كله، وتسيطر على العقول، ولم يحدث قط من أجل هذا أن اضطربت دعائم الدول من أجل الإلحاد؛ لأنه يفتح أعينهم لأنفسهم ولا يعدوها، وقد كانت الحضارة مستقرة في بعض العصور الجانحة إلى الإلحاد، كما كان عصر القيصر أوغسطس بين الرومان.
أما الخرافة فقد طالما أقلقت الدول، وطغت على جوانب الحكومة بأجمعها فعطلتها.
وصاحب السلطان في الخرافة هو الشعب الجاهل والحكماء تبع له في هذا السبيل، فهي تعكس وضع الأمور وتقلب عمل العقول.
وقد قال بعض الكهان بحق في مجمع ترنت، حيث شاعت آراء علماء الكلام: إن علماء الكلام هؤلاء يشبهون الفلكيين الذين يرسمون الأفلاك والمدارات والمراكز للسيارات والكواكب لتفسير حركاتها، حيث لا وجود في الخارج لتلك الرسوم، وكذلك علماء الكلام قد رسموا في عالم الدين طائفة دقيقة من الشعائر والمعالم؛ لتيسير مهمة الكنيسة.
وتنجم الخرافة من عناصر كثيرة منها المحافل والمراسم الرائقة، ومنها الإفراط في مظاهر التقوى المموهة، ومنها الإسراف في تعظيم الموروثات القديمة التي تثقل لا محالة على كاهل الكنيسة، ومنها احتيال رجال الدين لمنافعهم الخاصة، ومطامعهم الشخصية، والمغالاة في المقاصد الحسنة التي تفتح الباب للبدع، والأفانين المستحدثة، وإشراك التخمين الآدمي في الحكم الربانية مما هو خليق أن يضلل الخواطر ويبلبل الأذهان.
ومن عناصر الخرافة عصور البربرية ، وبخاصة تلك العصور التي يرهقها العسر والبلاء.
والخرافة السافرة شيء مشوه ممسوخ.
ومما يزيد في تشويه القرد أنه يشبه الإنسان، وكذلك شبه الخرافة بالشعائر الدينية، يزيدها مسخا على مسخ وتشويها على تشويه.
واللحم إذا فسد تولدت منه الديدان الصغيرة، وكذلك الشعائر الحسنة إذا فسدت تولدت منها تلك الشعوذات الصغيرة، والتقاليد المسفة التي لا طائل وراءها.
ومن الخرافة ما يدعو إليه اجتناب الخرافة، وذاك حين ينزع الإنسان الخرافة فيغلو في انتزاعها.
Shafi da ba'a sani ba