فن السيرة
فن السيرة
Mai Buga Littafi
دار الثقافة
Lambar Fassara
٢
Nau'ikan
الخارجية ترسب في ذاكرته، فتظل تبتعد به عنهم، وتحفزه إلى الهجوم عليهم حين تحين الفرصة.
ثم هنالك ذلك البون البعيد بين الكتابين في طريقة القص، فأحمد أمين تقريري يميل إلى ذكر الحقيقة، كما هي، وطه يميل إلى تصويرها كما أحسها ذات يوم، ولذلك جاء كتاب " حياتي " مرحلة وسطى بين الأيام وبين " تربية سلامه موسى "، وخصوصًا حين أدرج فيه صاحبه مذكرات كتبها عن مقامه بمنطقة البحيرات، وعن رحلته إلى سورية واستانبول وأوروبة، مما جعل الحديث عن فترات الحياة غير متناسب.
وكتاب " حياتي " يصور فترى أطول من التي تصدى لها الدكتور طه في جزأين من " الأيام "، وصاحبه يحاول أن يصف ما أداه في عالم الحياة العملية والعلمية. وصلته بالحياة العملية تبدأ في دور مبكر جدًا، فكأن ما يوازي عهد الطفولة وعهد التلمذة؟ وهما موضوعا كتاب " الأيام "؟ ليس إلا جزءًا صغيرًا في الكتاب، ومن ثم افترقا في طبيعة ما يقصانه، فصاحب " الأيام " يصور نموه النفسي الداخلي وصاحب " حياتي " بصور علاقاته الخارجية بالناس والأماكن. وبينا تستطيع أن تبني من كل " الأيام " صورة لشخصية كاتبه، تجد أن أحمد أمين رسم صورته وطبيعته في بعض صفحات (١) . وهذا الفرق أيضًا يطغى
(١) انظر حياتي ص ٣٣٠ - ٣٣٦.
1 / 148