171

Fisal Fi Milal

الفصل في الملل والأهواء والنحل

Mai Buga Littafi

مكتبة الخانجي

Inda aka buga

القاهرة

يسوع قد صَار مَكْتُوبًا بِأَن عَيْش الْمَرْء لَيْسَ بالخبز وَحده وَلَكِن فِي كل كلمة تخرج من فَم الله تَعَالَى وَبعد هَذَا أقبل إِبْلِيس فِي الْمَدِينَة المقدسة وَهُوَ وَاقِف فِي أَعلَى بنيانها وَقَالَ لَهُ إِن كنت ولد الله فترام من فَوق فَإِنَّهُ قد صَار مَكْتُوبًا بِأَنَّهُ سيبعث مَلَائِكَة يرفدونك ويدفعون عَنْك حَتَّى لَا يُصِيب قدمك مَكْرُوه فَأَجَابَهُ يسوع وَقَالَ قه قد صا مَكْتُوبًا أَيْضا أَن لَا يقيس أحد العبيد إلهه ثمَّ عَاد إِلَيْهِ إِبْلِيس وَهُوَ فِي أَعلَى جبل منيف فأطهر لَهُ زِينَة جَمِيع الدُّنْيَا وشرفها وَقَالَ لَهُ إِنِّي سأملكك كل مَا ترى إِن سجدت لي فَقَالَ لَهُ يسوع اذْهَبْ يَا مُنَافِق مقهقرًا فقد كتب أَن لَا يعبد أحد غير السَّيِّد إلهه وَلَا يخْدم سواهُ فتأيس عَنهُ إِبْلِيس عِنْد ذَلِك وَتَنَحَّى عَنهُ وَأَقْبَلت الْمَلَائِكَة وتولت خدمته وَفِي الْبَاب الرَّابِع من إنجيل لوقا فَانْصَرف يسوع من الْأُرْدُن محشوًا من روح الْقُدس وقاده الرّوح إِلَى القفار وَمكث فِيهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وقايسه إِبْلِيس فِيهِ وَلم يَأْكُل شَيْئا فِي تِلْكَ الْأَرْبَعين يَوْمًا فَلَمَّا أكملها جَاع فَقَالَ لَهُ إِبْلِيس إِن كنت ابْن الله فَأمر هَذِه الْحجر أَن يصير خبْزًا فَأَجَابَهُ يسوع وَقَالَ لَهُ قد صَار مَكْتُوبًا أَنه لَيْسَ عَيْش الْآدَمِيّ فِي الْخبز وَحده إِلَّا فِي كل كلمة لله ثمَّ قَادَهُ إِبْلِيس إِلَى جبل منيف عَال وَعرض عَلَيْهِ وَملك جَمِيع الدُّنْيَا من وقته وَقَالَ لَهُ سأملكك هَذَا السُّلْطَان وأنزلك بعطمته لِأَنِّي قد ملكته وَأَنا أعْطِيه من وَافقنِي فَإِن سجدت لي كَانَ لَك أجمع فَأَجَابَهُ يسوع وَقَالَ لَهُ قد صَار مَكْتُوبًا أَن تعبد السَّيِّد إلهك وتخدمه وَحده ثمَّ سَاقه إِلَى برشام وصعده وَوَقفه على صَخْرَة الْبَيْت فِي أَعْلَاهُ وَقَالَ لَهُ إِن كنت ولد الله فتسبسب من هَاهُنَا لِأَنَّهُ مَكْتُوب أَن يبْعَث مَلَائِكَة لحرزك وحملك فِي الأكف حَتَّى لَا تعثر بقدمك فِي حجر وَلَا يصيبك مَكْرُوه فَأَجَابَهُ يسوع وَقَالَ لَهُ قد كتب أَيْضا أَن لَا تقيس السَّيِّد إلهك
قَالَ أَبُو مُحَمَّد ﵁ فِي هَذَا الْفضل عجائب لم يسمع بأطم مِنْهَا أَولهَا إِقْرَار الصَّادِق عِنْدهم بِأَن إِبْلِيس قاد الْمَسِيح مرّة إِلَى جبل منيف وانقاد لَهُ وَمضى مَعَه وقاده مرّة أُخْرَى إِلَى أَعلَى صَخْرَة فِي بَيت الْمُقَدّس فَمَا نرَاهُ إِلَّا ينقاد لإبليس حَيْثُ قَادَهُ وَلَا يخلوا من أَن يكون قَادَهُ فانقاد لَهُ مطيقا سَامِعًا فَمَا نرَاهُ نرَاهُ إِلَّا منصرفًا تَحت حكم الشَّيْطَان وَهَذِه وَالله منزلَة رذيلة جدا أَو يكون قَادَهُ كرها فَهَذِهِ منزلَة المصروعين الَّذين يتخبطهم الشَّيْطَان من الْمس حاشى الْأَنْبِيَاء من كلتا الصفتين فَكيف بإله وَابْن إِلَه بزعمهم وَمَا سمع قطّ بأحمق من هَذَا الهوس وَنَحْمَد الله على عَظِيم منته ثمَّ الطامة الْأُخْرَى كَيفَ يطْمع إِبْلِيس عِنْد هَؤُلَاءِ النوكي فِي أَن يسْجد لَهُ خالقه وَفِي أَن يعبده ربه وَفِي أَن يخضع لَهُ من فِيهِ روح اللاهوت أم كَيفَ يَدْعُو إِبْلِيس ربه وإلهه إِلَى أَن يعبده وَالله إِنِّي لأقطع أَن كفر إِبْلِيس وحمقه لم يبلغَا قطّ هَذِه الْمبلغ فَهَذِهِ آبدة الدَّهْر ثمَّ عجب آخر كَيفَ يمني إِبْلِيس رب الدُّنْيَا وخالقها ومالكها ومالكه وإلهنا وإلهه فِي أَن يملكهُ زِينَة الدُّنْيَا فَهَذِهِ

2 / 14