112

Fisal Fi Milal

الفصل في الملل والأهواء والنحل

Mai Buga Littafi

مكتبة الخانجي

Inda aka buga

القاهرة

ومسى حق وَأَن عَصَاهُ صَارَت ثعبانًا على الْحَقِيقَة بقوله تَعَالَى ﴿فَإِذا هِيَ ثعبان مُبين﴾ فصح أَنه تبين ذَلِك لكل من رَآهُ يَقِينا وَأخْبر أَن الَّذِي عمل السَّحَرَة إِنَّمَا هُوَ إفْك وتخييل وَكيد وَهَذَا هُوَ الْحق الَّذِي تشهد بِهِ الْعُقُول لَا مَا فِي الْكتاب الْمُبدل المحرف فصح أَن فعل السَّحَرَة حِيلَة مموهة لَا حَقِيقَة لَهَا وَهَذَا الَّذِي يُصَحِّحهُ الْبُرْهَان إِذْ لَا يحِيل الطبائع إِلَّا خَالِقهَا شَهَادَة لرسله وأنبيائه وفرقًا بَين الصدْق وَالْكذب لَا قَوْلهم عمل السَّحَرَة مثل مَا عمل مُوسَى فِي وَقت تَكْلِيفه برهانٌ على صدق قَوْله وَعند تحديه لَهُم على أَن يَأْتُوا بِمثلِهِ إِن كَانُوا صَادِقين وَهُوَ كَاذِب فَأتوا بِمثلِهِ فانظروا النتيجة يَرْحَمكُمْ الله هَذِه سُورَة تشهد شَهَادَة قَاطِعَة صَادِقَة بِأَن صانع ذَلِك الْكتاب الملعون المكذوب الَّذِي يسمونه الحماس وَيدعونَ أَنه توراة مُوسَى ﵇ إِنَّمَا كَانَ زنديقًا مستخفًا بالباري تَعَالَى وَرُسُله وَكتبه وحاش لمُوسَى ﷺ مِنْهُ وَأَنَّهُمْ إِلَى الْآن يَزْعمُونَ أَن إِحَالَة الطبائع وقلب الْأَجْنَاس عَن صفاتها الذاتية إِلَى أَجنَاس أخر واختراع الْأُمُور فِي المعجزات الْبَيِّنَة يقدر على ذَلِك بالرقي والصناعات وَعَلمُوا أَن من صدق بِهَذَا مُبْطل للنبوة بِلَا مرية إِذْ لَا فرق بَين النَّبِي وَغَيره إِلَّا فِي هَذَا الْبَاب فَإِذا أمكن لغير النَّبِي فَلم يبْق إِلَّا دَعْوَى لَا برهَان عَلَيْهَا ونعوذ بِاللَّه من الضلال وَلَقَد شاهدناهم متفقين إِلَى الْيَوْم على أَن رجلا من عُلَمَائهمْ بِبَغْدَاد دخل من بَغْدَاد إِلَى قُرَيْظَة فِي يَوْم وَاحِد وَأنْبت قرنين فِي رَأس رجل من بني الإسكندري كَانَ سَاكِنا بِقرب دَار الْيَهُود عِنْد فندق الحرقة كَانَ يُؤْذِي يهود تِلْكَ الْجِهَة ويسخر مِنْهُم وَهَذِه كذبة وفضيحة لَا نَظِير لَهَا والموضع مَشْهُور عندنَا بقرطبة دَاخل الْمَدِينَة وَبَنُو عبد الْوَاحِد بن يزِيد الإسكندري من بَيته رفيعة مَشْهُورَة أدركنا آخِرهم كَانَت فيهم وزارة وعمالة لَيْسَ فيهم مغمور وَلَا خَفِي إِلَى أَن بادوا مَا عرف قطّ أحد مِنْهُم هَذِه الأحموقة الْمُخْتَلفَة وَالْقَوْم بِالْجُمْلَةِ أكذب الْبَريَّة أسلافهم وأخلافهم وعَلى كَثْرَة مَا شاهدنا مِنْهُم مَا رَأَيْت فيهم قطّ متحريًا للصدق إِلَّا رجلَيْنِ فَقَط
فصل
قَالَ أَبُو مُحَمَّد ﵁ وَفِي قصَّة قلب المَاء دَمًا فضيحة أُخْرَى ظَاهِرَة الْكَذِب وَهِي أَن فِي نَص الْكَلَام الَّذِي يزعمونه التَّوْرَاة ثمَّ قَالَ السَّيِّد لمُوسَى قل لهارون مد يدك بالعصا على مياه مصر وأنهارها وأوديتها ومروجها وجناتها لتعود دَمًا وَتصير مَاء فِي آنِية التُّرَاب والخشب دَمًا فَفعل مُوسَى وَهَارُون كَمَا أَمرهمَا السَّيِّد إِلَى قَوْله وَصَارَ المَاء فِي جَمِيع أَرض مصر دَمًا فَفعل مثل ذَلِك سحرة مصر برقاهم وَاشْتَدَّ قلب فِرْعَوْن وَلم يسمع لَهما على حَال ثمَّ انْصَرف فِرْعَوْن وَدخل بَيته وَلم يُوَجه قلبه إِلَى هَذَا أَيْضا وحفر جَمِيع المصريين حوالي النَّهر ليصيبوا المَاء مِنْهَا لأَنهم لَا يقدرُونَ على شرب المَاء من النَّهر
قَالَ أَبُو مُحَمَّد ﵁ هَذَا نَص كِتَابهمْ فَأخْبر أَن كل مَاء كَانَ بِمصْر فِي أنهارها وأوديتها ومروجها وجناتها وأواني الْخشب وَالتُّرَاب وَالْمَاء كُله فِي جَمِيع أَرض

1 / 120