Fiqh Trends Among Hadith Scholars in the Third Century AH
الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري
Mai Buga Littafi
مكتبة الخانجي
Inda aka buga
مصر.
Nau'ikan
فَإِنَّهُ لاَ يَكْتُبُ عَنْهُ، وَلاَ يَعْمَلُ بِهِ، كَمَا أَنَّ الثِّقَةَ العَدْلَ، تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَلاَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِنَفْسِهِ، وَلاَ لابْنِهِ، وَلاَ لأَبِيهِ، وَلاَ فِيمَا جرَّ إِلَيْهِ نَفَعًا، أَوْ دَفَعَ عَنْهُ ضَرَرًا. وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ قَبُولِ قَوْلِ الصَّادِقِ، فِيمَا وَافَقَ نِحْلَتَهُ، وَشَاكَلَ هَوَاهُ، لأَنَّ نَفْسَهُ تُرِيهِ أَنَّ الحَقَّ فِيمَا اعْتَقَدَهُ، وَأَنَّ القُرْبَ إِلَى اللَّهِ ﷿ فِي تَثْبِيتِهِ بِكُلِّ وَجْهٍ، وَلاَ يُؤْمَنُ مَعَ ذَلِكَ، التَّحْرِيفُ، وَالزِّيَادَةُ، وَالنُّقْصَانُ» (١).
وبالنسبة للاتهام الرابع أجاد ابن قتيبة في دفعه، مُبَيِّنًا أنَّ المُحَدِّثِينَ صِنْفٌ فِيهِمْ الجَيِّدُ والرَدِيء، وأنه لا وجه لتخصيص أهل الحديث بإحصاء السقطات عليهم وعيبهم بذلك، فقال: «وَأَمَّا طَعْنُهُمْ عَلَيْهِمْ بِقِلَّةِ المَعْرِفَةِ لِمَا يَحْمِلُونَ، وَكَثْرَةِ اللَّحْنِ وَالتَّصْحِيفِ، فَإِنَّ النَّاسَ لاّ يَتَسَاوُونَ جَمِيعًا فِي المَعْرِفَةِ وَالفَضْلِ، وَلَيْسَ صِنْفٌ مِنَ النَّاسِ إِلاَّ وَلَهُ حَشْوٌ وَشَوْبٌ، فَأَيْنَ هَذَا العائب لَهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَعْلَمَ النَّاسِ بِكُلِّ فَنٍّ، وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، [وَابْنِ عَوْنٍ]، وَأَيُّوبَ، وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَشُعْبَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ المُبَارَكِ، وَأَمْثَالِ هَؤُلاَءِ مِنَ المُتْقِنِينَ؟.
عَلَى أَنَّ المُنْفَرِدَ بِفَنٍّ مِنَ الفُنُونِ، لاَ يُعَابُ بِالزَّلَلِ فِي غَيْرِهِ، وَلَيْسَ عَلَى المُحَدِّثِ عَيْبٌ أَنْ يَزِلَّ فِي الإِعْرَابِ، وَلاَ عَلَى الفَقِيهِ أَنْ يَزِلَّ فِي الشِّعْرِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ ذِي عِلْمٍ أَنْ يُتْقِنَ فَنَّهُ، إِذَا احْتَاجَ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهِ، وَانْعَقَدَتْ لَهُ الرِّئَاسَةُ بِهِ، وَقَدْ يَجْتَمِعُ لِلْوَاحِدِ عُلُومٌ كَثِيرَةٌ، وَاللَّهُ يُؤْتِي الفَضْلَ مَنْ يَشَاءُ ...
وَلاَ أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ العِلْمِ وَالأَدَبِ إِلاَّ وَقَدْ أَسْقَطَ فِي عِلْمِهِ كَالأَصْمَعِيِّ، وَأَبِي زَيْدٍ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ، وَسِيبَوَيْهِ، وَالاَخْفَشِ، وَالكِسَائِيِّ، وَالفَرَّاءِ، وَأَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، وَكَالأَئِمَّةِ مِنْ قُرَّاءِ الْقُرْآنِ،
(١) " تأويل مختلف الحديث ": ص ١٠٢، ١٠٣.
1 / 99