99

Fiqh As-Seerah

فقه السيرة النبوية مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة

Mai Buga Littafi

دار الفكر

Lambar Fassara

الخامسة والعشرون

Shekarar Bugawa

١٤٢٦ هـ

Inda aka buga

دمشق

Nau'ikan

بالنسبة لقائد الدعوة، من حمايته له بنفسه ودفاعه عنه وإن اقتضى ذلك التضحية بحياته. هكذا كانت حال الصحابة ﵃ بالنسبة لرسول الله ﷺ. ولئن كان رسول الله ﷺ غير موجود اليوم بيننا، فلا يتصور الدفاع عنه على النحو الذي كان يفعله أصحابه ﵃، فإن ذلك يتحقق على نحو آخر؛ هو أن لا نضن على أنفسنا بالمحن والعذاب في سبيل الدعوة الإسلامية وأن نسهم بشيء من تحمل الجهد والمشاق التي تحملها النبي ﵊. على أنه ينبغي أن يكون هنالك قادة للدعوة الإسلامية في كل عصر وزمن، يخلفون قيادة النبي ﷺ في الدعوة. فعلى المسلمين كلهم أن يكونوا من حولهم جنودا مخلصين لهم، يفدونهم بالمهج والأموال، كما كان شأن المسلمين مع رسول الله ﷺ. رابعا: فيما قصه علينا ابن إسحاق من استماع النفر من الجن إليه، وهو يصلي من جوف الليل بنخلة، دليل على وجود الجن وأنهم مكلفون، وأن منهم من آمن بالله ورسوله ومنهم من كفر ولم يؤمن. وقد ارتفعت هذه الدلالة إلى درجة القطع، بحديث القرآن عنهم في نصوص قاطعة صريحة، كالآيات التي في صدر سورة الجن، وكقوله تعالى في سورة الأحقاف: وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ إلى قوله تعالى: وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ [الأحقاف ٤٦/ ٢٩- ٣١] . واعلم أن هذه القصة التي ساقها ابن إسحاق ورواها ابن هشام في سيرته، قد ذكرها البخاري ومسلم والترمذي على نحو قريب وبتفصيل آخر. واللفظ الذي رواه البخاري بسنده عن ابن عباس «أنه ﷺ انطلق في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلت عليهم الشهب، فرجعت الشياطين فقالوا: ما لكم قد حيل بيننا وبين خبر السماء وأرسلت علينا الشهب؟ قال: ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا ما حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها فانظروا ما هذا الأمر الذي حدث، فانطلقوا فضربوا مشارق الأرض ومغاربها ينظرون ما هذا الأمر الذي حال بينهم وبين خبر السماء؟ قال: فانطلق الذين توجهوا نحو تهامة إلى رسول الله ﷺ بنخلة وهو عامد إلى سوق عكاظ، وهو يصلّي بأصحابه صلاة الفجر، فلما سمعوا القرآن تسمعوا له، فقالوا: هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء، فهنالك رجعوا إلى قومهم، فقالوا: يا قومنا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا، وأنزل الله ﷿ على نبيه ﷺ: قل أوحي إليّ أنه استمع نفر من الجن، وإنما أوحي إليه قول الجن» «٢٠» .

(٢٠) البخاري: ٦/ ٧٣

1 / 104