Fiqh As-Seerah
فقه السيرة النبوية مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة
Mai Buga Littafi
دار الفكر
Bugun
الخامسة والعشرون
Shekarar Bugawa
١٤٢٦ هـ
Inda aka buga
دمشق
Nau'ikan
رسول الله ﷺ يخبر أن بلاد الشام تفتح على المسلمين، فلما كان مباحا له أن يقطع ويترك، اختار الترك نظرا للمسلمين» «٤٥» .
وهذا الذي قلناه من إباحة قطع شجر الكفار وإحراقه إذا اقتضت المصلحة هو مذهب نافع مولى ابن عمر ومالك والثوري وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق وجمهور الفقهاء.
وروي عن الليث بن سعد وأبي ثور والأوزاعي القول بعدم جوازه «٤٦» .
ثالثا: اتّفق الأئمة على أن ما غنمه المسلمون من أعدائهم بدون قتال (وهو الفيء) يعود النظر والتصرف فيه إلى ما يراه الإمام من المصلحة، وأنه لا يجب عليه تقسيمه بين الجيش كما تقسم عليهم الغنائم التي غنموها بعد قتال وحرب، مستدلين على ذلك بسياسته ﷺ في تقسيم فيء بني النضير، فقد خص به- كما رأيت- المهاجرين وحدهم، وقد نزل القرآن تصويبا لذلك، في الآيتين اللتين ذكرناهما.
ثم اختلفوا في الأراضي التي غنمها المسلمون بواسطة الحرب: فذهب مالك إلى أن الأرض لا تقسم مطلقا، وإنما يكون خراجها وقفا لمصالح المسلمين إلا أن يرى الإمام أن المصلحة تقضي القسمة فإن له ذلك، ويذهب الحنفية قريبا من هذا المذهب.
أما الشافعي فذهب إلى أن الأرض المأخوذة عنوة تجب قسمتها كما تجب قسمة غيرها من الغنائم، وهو الظاهر من مذهب الإمام أحمد أيضا.
ودليل ما ذهب إليه الشافعي، أن تصرف النبي ﷺ بأموال بني النضير، على خلاف ما تقتضيه القسمة بين الغانمين في الحرب، إنما كان بسبب عدم وجود أي قتال تسبّب عنه الحصول على تلك الغنائم. وقد نصت الآية على ذلك في معرض تعليل حكمه ﷺ، في فيء بني النضير، وهي قوله تعالى: وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ، فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ [الحشر ٥٩/ ٦] وإذا كان هذا هو مناط جواز عدم القسمة لأراضي الفيء فمن الواضح أنه إذا ارتفع مناط الحكم، ارتفع الحكم معه، وعاد الحكم المنصوص عليه في حق الغنائم، سواء في ذلك الأراضي وغيرها.
ودليل ما ذهب إليه مالك وأبو حنيفة أمور كثيرة، من أهمها عمل عمر ﵁ حينما امتنع عن تقسيم سواد العراق، وجعلها وقفا يجري خراجها ريعا للمسلمين وليس المجال هنا متسعا لأكثر من هذا العرض المجمل في الموضوع.
إنما الذي ينبغي أن ننتبه إليه من هذا البحث هنا، هو التعليل الذي ذكره الله تعالى في
(٤٥) الأم: ٧/ ٣٢٤ وانظر في هذا الموضوع: ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية- للمؤلف ١٧٠- ١٧١
(٤٦) انظر شرح النووي على صحيح مسلم: ١٢/ ٥٠
1 / 193