127

Fiqh As-Seerah

فقه السيرة النبوية مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة

Mai Buga Littafi

دار الفكر

Lambar Fassara

الخامسة والعشرون

Shekarar Bugawa

١٤٢٦ هـ

Inda aka buga

دمشق

Nau'ikan

هجرة الرسول ﷺ
جاء في صحاح السنة وما رواه علماء السيرة أن أبا بكر ﵁ لما وجد المسلمين قد تتابعوا مهاجرين إلى المدينة، جاء يستأذن رسول الله ﷺ هو الآخر في الهجرة. فقال له رسول الله ﷺ: «على رسلك، فإني أرجو أن يؤذن لي» فقال أبو بكر: «وهل ترجو ذلك بأبي أنت وأمي؟» قال: «نعم» . فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله ﷺ ليصحبه، وعلف راحلتين كانتا عنده، وأخذ يتعهدهما بالرعاية أربعة أشهر «٥٢» .
وفي هذه الأثناء رأت قريش أن رسول الله ﷺ قد صارت له شيعة وأصحاب من غيرهم بغير بلدهم، فحذروا خروج رسول الله ﷺ إليهم وخافوا أن يكون قد أجمع لحربهم.
فاجتمعوا له في دار الندوة (وهي دار قصي بن كلاب التي كانت قريش لا تقضي أمرا إلا فيها) يتشاورون فيما يصنعون بأمر رسول الله ﷺ، فاجتمع رأيهم أخيرا على أن يأخذوا من كل قبيلة فتى شابا جلدا، ثم يعطى كل منهم سيفا صارما، ثم يعمدوا إليه فيضربوه ضربة رجل واحد فيقتلوه، كي لا يقدر بنو عبد مناف على حربهم جميعا، وضربوا لذلك ميعاد يوم معلوم فأتى جبريل ﵇ رسول الله ﷺ يأمره بالهجرة، وينهاه أن ينام في مضجعه تلك الليلة «٥٣» .
قالت عائشة فيما يروي البخاري: «فبينما نحن يوما جلوس في بيت أبي بكر في حرّ الظهيرة، قال قائل لأبي بكر: «هذا رسول الله ﷺ متقنعا، في ساعة لم يكن يأتينا فيها» .
فقال أبو بكر: «فدا له أبي وأمي. والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر»، قالت: فجاء رسول الله ﷺ، فاستأذن، فأذن له، فدخل، فقال النبي ﷺ لأبي بكر: «أخرج من عندك»، فقال أبو بكر: «إنما هم أهلك بأبي أنت وأمي يا رسول الله» . قال: «فإني قد أذن لي في الخروج»، فقال أبو بكر: «فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتيّ»، قال رسول الله ﷺ: «بالثمن» .
قالت عائشة: فجهزناهما أحثّ الجهاز، وصنعنا لهما سفرة في جراب، فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فربطت به على فم الجراب، فبذلك سميت ذات النطاق «٥٤» .
وانطلق رسول الله ﷺ إلى علي بن أبي طالب ﵁ فأمره أن يتخلف بعده بمكة ريثما

(٥٢) البخاري: ٤/ ٢٥٥
(٥٣) سيرة ابن هشام: ١/ ١٥٥ وطبقات ابن سعد: ٢١٢
(٥٤) في طبقات ابن سعد: أنها شقت نطاقها فأوكأت بقطعة منه الجراب، وشدت فم الجراب بالباقي فسميت ذات النطاقين.

1 / 132