Fiqh al-Seerah by Al-Ghazali
فقه السيرة للغزالي
Mai Buga Littafi
دار القلم
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤٢٧ هـ
Inda aka buga
دمشق
Nau'ikan
قوة ونشاط
عند ما انتهت حرب الفجار، وأبرم حلف الفضول، كان محمد ﵊ يستقبل المرحلة الثالثة من عمره، وهذه الفترة وما قبلها هي عهد الشباب الحار، والغرائز الفائرة، والطماح البعيد. ومحمد ﵊ رجل قوي البدن، عالي الهمة، رفيع المكانة، وقد لو حظت طاقته الواسعة حتى بعد هذه السنّ بنحو أربعين سنة؛ قال أبو هريرة ﵁: «ما رأيت أحسن من رسول الله ﷺ! كأنّ الشمس تجري في وجهه! وما رأيت أحدا أسرع في مشيته من رسول الله ﷺ! لكأنما الأرض تطوى له! كنّا إذا مشينا معه نجهد أنفسنا وإنه لغير مكترث» «١» .
ومثل هذا الرجل تقبل عليه الحياة لو لم يقبل هو عليها، وعلى من تقبل الحياة بعده؟! على الواهمين والمنكمشين والمتشائمين؟!.
لكن محمدا ﵊ على ما يملك من وسائل المتاع- ما أثرت عنه قطّ شهوة عارضة، أو نزوة خادشة، أو حكيت عنه مغامرة لنيل جاه، أو اصطياد ثروة، بل على العكس؛ بدأت سيرته تومض في أنحاء مكة بما امتاز به على أقرانه- إن صحّت الإضافة- من خلال عذبة، وشمائل كريمة، وفكر راجح، ومنطق صادق، ونهج أمين.
وليس شرف النفس أن تنتهي شهوة الإنسان إلى الحياة، أو توجد الشهوة وتنتفي وسائل بلوغها، بل الشرف أن تكون قوة العفاف أربى من نوازع الهوى، فإذا ظلّت النفس في حالة سكون، فلتعادل القوى السالبة والموجبة فيها، وقد تجد رجلا تافها هزيلا لا يخفى له طمع، ولا تنحبس له شهوة، لو قست غرائزه
_________
(١) هذا الحديث ضعيف الإسناد، أخرجه الترمذي في سننه: ٤/ ٢٠٦؛ وفي الشمائل: ١/ ١١٧، وضعّفه بقوله: «هذا حديث غريب»، والسبب أنه من رواية ابن لهيعة، وهو ضعيف لسوء حفظه، واحتراق كتبه.
1 / 78