Fim Wathaiqi Muqaddima Qasira
الفيلم الوثائقي: مقدمة قصيرة جدا
Nau'ikan
وقد كرس العديد من الأكاديميين والباحثين أنفسهم لتأريخ وتحليل الأفلام الوثائقية التي تتناول القضايا والنضال، وهذا من شأنه أن يعكس في جزء منه الدور التاريخي لمخرجي الأفلام الوثائقية، الذي مثله بارنو على نحو رائع بأصوات للمعارضة والنقد، إلى جانب أنه يظهر نزعة ليبرالية داخل الوسط الأكاديمي وأيضا في محور ماكينة الإنتاج الوثائقي في السبعينيات وبداية الثمانينيات حين كانت المجموعة الأولى من باحثي دراسات السينما الوثائقية بصدد إنهاء باكورة أعمالهم، وقد تجسد هذا التركيز على حركة النضال على نحو جيد للغاية في سلسلة كتب «الدليل الواضح». على سبيل المثال، قدمت أعمال عن الأفلام الوثائقية النضالية التي تتناول الإيدز بدءا من الثمانينيات في الولايات المتحدة، والأفلام الوثائقية عن المساواة بين الجنسين، والشواذ والسحاقيات، والأفلام الوثائقية الأمريكية الأفريقية، وأفلام «حرب العصابات» الوثائقية، أو الأفلام الوثائقية البديلة والمعارضة.
توجد طرق عديدة للتساؤل عن أسباب وكيفية اختلاف الأفلام الوثائقية عن الفيلم الروائي، بالنظر إلى اشتراكهما في العديد من التقنيات والأساليب، فقد ذهب ويليام جويين، انطلاقا من نظرية وضعت للأفلام الروائية، إلى أن الفيلم الوثائقي أقل إشباعا وإرضاء من الفيلم الروائي، ذلك لأنه يعجز عن منح المشاهد نفس العودة غير المدركة لما هو مكبوت في العقل الباطن؛ الوعد بتكامل ووحدة رائعين. ويعارض محللو ما بعد الحداثة استخدام الأفلام الوثائقية للواقعية السيكولوجية (مثلما يحدث في الأفلام الروائية) لتجسيد الواقع، فالواقعية، في تحليلهم، تعمل فقط على التعتيم على أيديولوجية الثقافة البرجوازية. ويذهب نيكولز إلى أن الأفلام الوثائقية التي تتلاعب بتوقعات المشاهد بالشفافية والحقيقة تعكس على نحو أكثر إبداعا وجهات النظر المتعددة لحياة ما بعد الحداثة. في الوقت نفسه، يقر براين وينستون بأنه في عصر المعالجة الرقمية التي لا حد لها والتدخل الجامح من قبل المشاهد، لا يستطيع مخرجو الأفلام الوثائقية أن يدعوا الدقة العلمية أو الحق الأبوي في الوعظ والإرشاد، ولكن على الواحد منهم أن يعترف بأنه ليس إلا متحدثا ضمن متحدثين آخرين. ويرد المنظرون المعرفيون أمثال نويل كارول بأن البشر يفسرون المعلومات والبيانات بدقة وعقلانية من العالم المحيط بهم، بما في ذلك المعلومات القادمة إليهم من الشاشات التي يشاهدونها، ويذهبون إلى أن وهم الحقيقة ليس بالضرورة أن يكون نزعا للنفوذ والتمكين.
المجالات الناشئة
لا تزال المعرفة العلمية في مجال الفيلم الوثائقي في طور التطور، وهناك مجالات نمو محتملة ومثمرة، فالباحثون الناطقون بالإنجليزية، على سبيل المثال، عادة ما كانوا يعولون على نحو محدود على المعرفة العالمية عن الأفلام الوثائقية، على الرغم من أن العكس ليس صحيحا بالضرورة، وقد كان مهرجان ياماجاتا للسينما في اليابان يدعم بقوة التبادل العالمي للمعرفة بجريدته المنشورة عبر الإنترنت «صندوق الفيلم الوثائقي»، وقد كان هناك استثناءات مبهرة للأفق المحدود للغة الإنجليزية أيضا، مثل أعمال جوليان بيرتون ومايكل شانان عن الأفلام الوثائقية اللاتينية، وأعمال ماركوس نورنس عن الأفلام الوثائقية اليابانية.
ولا يملك معظم باحثي الدراسات السينمائية سوى القليل من المعرفة عن حركة توزيع الأفلام الوثائقية، ولا يهتمون بأشهر أنواع الأفلام الوثائقية إلا قليلا؛ فقد كان تركيزهم منصبا في الأساس على الإنتاج المستقل والأفلام الموجهة للجماهير العامة، وعلى أعمال السينما المنشقة وأعمال السينما التجريبية، وعادة ما يتركون تأملات بشأن تأثيرات الفيلم الوثائقي التقليدي والممول من جهات معينة - حيث غالبا ما يكون تعقب جهة التأليف الأصلية أكثر صعوبة بكثير - لعلماء الاجتماع والعلماء الاجتماعيين الآخرين الذين يدرسون تأثيرات الإعلام وغالبا ما لا يملكون معرفة معينة بشكل ونهج الفيلم الوثائقي.
غير أن الأفلام الوثائقية التي تقدم لعملاء بعينهم (الأفلام الوثائقية «المدعومة») وتلك الأفلام الوثائقية التقليدية التي تعرض عبر شاشة التليفزيون، مهمة، وتعد من الأوجه الآخذة في النمو للإنتاج الوثائقي، وكلاهما عادة ما يشكل التجارب الأولى للمشاهد مع الفيلم الوثائقي. كذلك غالبا ما تقدم الأفلام الوثائقية المدعومة والتقليدية دعما ماديا للأعمال المستقلة؛ إذ إن هذا الجانب من المجال يوفر عملا منتظما لمخرجي الأفلام الوثائقية. وبالفعل، تساهم الأعمال المدعومة في الكثير من الدول النامية في إبقاء قطاع السينما بأكمله على قيد الحياة في وسط المشروعات الكبرى. ومن الممكن لنظرة على نقاط التقاطع بين الأعمال المدعومة والأعمال المستقلة أن توفر فهما أفضل لكيفية تطور الفيلم الوثائقي.
ونظرا لقلة الأبحاث التي أجريت على الأفلام الوثائقية المدعومة، فإننا لا نعرف الكثير عن مجال لا شك أنه المسئول عن الغالبية العظمى من الأفلام المنتجة. وتعمد المؤسسات حاليا إلى استخدام الأفلام الوثائقية للمؤتمرات، واجتماعات مجالس الإدارات، والعروض التقديمية، وحملات المبيعات، وفي الحملات الاستراتيجية الموجهة لأطفال المدارس، أو مرضى الإيدز، أو الموظفين، لتعليمهم كيفية تجنب التحرش الجنسي وما شابه. أنتجت صناعة الأفلام، التي تدعمها الشركات والحكومات، أيضا مواد أرشيفية ثرية لصناع الأفلام.
لم تنجح الأفلام الوثائقية التي صنعت بغرض الترفيه التافه في جذب انتباه الكثير من الباحثين، ولكن ربما تفعل مع تنامي شعبية الشكل، وقد بدأ باحثو الدراسات السينمائية أخيرا في دراسة أنواع مثل الفيلم الأسود واستوديوهات السينما أو «نابغة المنظومة» كما أطلق عليها توماس شاتز، وقد طبق النموذج جيدا على أعمال مصانع الأفلام الوثائقية، مثل ديسكفري كوميونيكيشنز.
ومع تزايد أهمية الأفلام الوثائقية، نستطيع أن نتوقع أن نرى الباحثين يستكشفون هذه الأنواع الفرعية، وبنياتها، واستراتيجياتها في التجسيد، ومدى جاذبيتها. وجميع وثائقيات الأداء المسرحي في الموسيقى والكوميديا، ووثائقيات «الكواليس»، ووثائقيات رياضات المغامرة، والبرامج التليفزيونية مثل البرامج التي توجه تعليمات أو نصائح لشيء ما، وبرامج الجمال، والطهي، وغيرها من البرامج، كلها لا تعتمد فحسب على الأعمال السابقة التي قدمها مخرجون وثائقيون مبتكرون، ولكنها أيضا تشكل توقعات السوق والمشاهدين، وقد كانت الأعمال الأولى، والمدرج بعضها في قائمة «مزيد من القراءة» تدور عن وثائقيات الروك، مثل فيلم دي إيه بينبيكر الكلاسيكي المنتمي لسينما الواقع «لا تنظر للخلف» (1967) عن إحدى جولات بوب ديلان الفنية، وفيلم مارتن سكورسيزي «رقصة الفالس الأخيرة» (1978) عن فريق ذا باند الغنائي، وفيلم جوناثان ديم المنتج عام 1984 «توقف عن التعقل»، الذي يبرز فريق توكينج هيدز. والاهتمام بأعمال أكثر رواجا وشهرة سوف يربط الباحثين على نحو أكثر اكتمالا أيضا بالوقائع الاقتصادية لشكل فني يرتبط ارتباطا وثيقا بوسائل الإعلام التجارية، وسوف نتعرف على المزيد، من خلال هذه الوسائل، عن الكيفية التي تشكل بها الظروف الاقتصادية أسلوب التعبير.
ثمة تغييرات أخرى في التعبير الوثائقي قد تحرك النشاط الأكاديمي، فازدهار الإنتاج في مجال أفلام القضايا الوثائقية والشعبية المتزايدة للأفلام الوثائقية التي تتناول موضوعات الساعة قد ينشط أعمالا أكاديمية عن المعايير والأخلاقيات في المجال، وقد يحرك النمو في الإعلام التشاركي مزيدا من الأعمال المشتركة بين عدة تخصصات، مثل علماء الاجتماع، وعلماء الأنثروبولوجيا، وباحثي الاتصالات، والعلماء السياسيين، وعلماء معالجة المعلومات، وباحثي السينما، الذين يسعى كل منهم لفهم الظاهرة، وسوف تستمر المعرفة العلمية والبحثية في تغيير فهمنا للفيلم الوثائقي، وسوف تعكس ارتباطا مبدعا بين اهتمامات الأكاديميين وممارسات مخرجي الأفلام الوثائقية.
Shafi da ba'a sani ba