Tunanin Larabawa Na Zamani
الفكر العربي الحديث: أثر الثورة الفرنسية في توجيهه السياسي والاجتماعي
Nau'ikan
4
ومن شعاراتهم أيضا ما جاء على لسان أبي حمزة الخارجي: الناس منا ونحن منهم إلا ثلاثة: حاكما جاء بغير ما أنزل الله، أو متبعا له، أو راضيا بعمله.
وفي وجوب الخروج على السلطان الجائر ومجاهدته بالسلاح، يلتقي الخوارج بالمبدأ الثوري الذي أعلنه المؤتمر الوطني
La Convention ، وفيه يثبت حق الثورة على الحكومة الظالمة.
ولنراجع هنا خبر حادثة وقعت بين الخليفة عبد الملك بن مروان وأحد الخوارج؛ فإنها لتتعلق بالموضوع الذي نحن بصدده.
روى الشيباني عن الهيثم عن ابن عباس، قال: كنا عند عبد الملك بن مروان، إذ أتاه كتاب الحجاج يعظم فيه أمر الخلافة، ويزعم أن ما قامت السموات والأرض إلا بها، وأن الخليفة عند الله أفضل من الملائكة المقربين والأنبياء المرسلين؛ وذلك أن الله خلق آدم بيده، وأسجد له الملائكة، وأسكنه جنته، ثم أهبطه إلى الأرض وجعله خليفته، وجعل الملائكة رسلا إليه. فأعجب عبد الملك بذلك وقال: لوددت أن عندي بعض الخوارج فأخاصمه بهذا الكتاب. فانصرف رجال من جلساء عبد الملك إلى منزله، فجلس مع ضيفانه وحدثهم الحديث، فقال له حوار بن زيد الضبي وكان هاربا من الحجاج: توثق لي منه ثم أعلمني به. فذكر الرجل ذلك لعبد الملك بن مروان، فقال الخليفة: هو آمن على كل ما يخاف. فانصرف الرجل إلى حوار فأخبره بذلك، فقال: بالغداة إن شاء الله. فلما أصبح حوار اغتسل ولبس ثوبين ثم تحنط وحضر باب عبد الملك، فقال الخليفة: أدخله يا غلام. فدخل رجل عليه ثياب بيض يوجد عليه ريح الحنوط، ثم قال: السلام عليكم! ثم جلس، فقال عبد الملك: ائت بكتاب أبي محمد يا غلام. فأتاه به، فقال: اقرأ. فقرأ حتى أتى على آخره. فقال حوار: أراه قد جعلك في موضع ملكا (ملاكا)، وفي موضع نبيا، وفي موضع خليفة، فإن كنت ملكا فمن أنزلك؟ وإن كنت نبيا فمن أرسلك؟ وإن كنت خليفة فمن استخلفك؟ عن مشورة من المسلمين أم ابتززت الناس أمورهم بالسيف؟ فقال عبد الملك: قد أمناك ولا سبيل إليك، والله لا تجاورني في بلد أبدا، فارحل حيث شئت. قال: فإني قد اخترت مصر. فلم يزل بها حتى مات عبد الملك (العقد الفريد، جزء 3).
وأهم ما يعنينا من هذا الحديث الطويل سؤال حوار الضبي لعبد الملك: إن كنت خليفة فمن استخلفك؟ عن مشورة من المسلمين أم ابتززت الناس أمورهم بالسيف؟ فكأن حوارا قال لعبد الملك: الخليفة الشرعي (أو الدستوري) ليس الذي يبتز الناس أمورهم بالسيف، بل هو الذي يتولى منصبه عن مشورة منهم؛ الخليفة الشرعي هو الذي تصدر خلافته عن الشورى.
وإننا لنستطيع كذلك أن نعرض لذكر مشهد المنافرة الذي ألم به الكواكبي بين الوليد بن عبد الملك وقيس، إذ خرج قيس مغضبا يقول للخليفة: «أتريد أن تكون جبارا؟ والله إن نعال الصعاليك لأطول من سيفك!»
ثم نستطيع أن نردد هذا البيت لأبي العلاء المعري في الحكام:
ظلموا الرعية واستجازوا كيدها
Shafi da ba'a sani ba