Tunanin Larabawa Na Zamani
الفكر العربي الحديث: أثر الثورة الفرنسية في توجيهه السياسي والاجتماعي
Nau'ikan
وضرب شاهدا للثورة التي تشترك فيها الأمة اشتراكا محسوسا، وتأتي بنتائج عميقة باقية، فكان شاهده الثورة الفرنسية.
ويحسن بنا هنا أن نسوق كلام الدكتور الشميل بنصه، قال: «إن الاجتماع لا بد له في بعض الأحوال من ثورة تخلصه من خطر الهلاك. ويلزم أن تكون الثورة صادرة عن استعداد باطن كأنها اتفاق خفي بين أعضائه، موافقة لأمياله؛ أي أن تكون عبارة عن صوت الشعب لكي تكون قانونية، وإلا انقلبت شرا عليه. والثورة التي تكون كذلك هي ثورة لا تغلب ولا تقاوم؛ لأنها ليست من أفعال الآحاد، بل هي عبارة عن تخلص الجسم كله مما ثقلت وطأته عليه تخلصا طبيعيا قانونيا.» ويلتفت الدكتور ليلتمس قياسا يقيس عليه، فيقول فورا: «كالثورة الفرنسية، فإنه لم يصدها شيء، ولم يقو عليها شيء، مع أنه اعترضتها موانع داخلية وخارجية قوية جدا؛ وما ذلك إلا لأنها كانت موافقة لميل الشعب وناشئة عن استعداده.»
وذهب الشيخ مصطفى الغلاييني إلى شبه ما ذهب إليه الدكتور الشميل فقال: «إن الحرية الصحيحة هي التي ينالها بقوته دون مساعدة خارجة عنه، كالجيش مثلا، أو كأن تمنح الحكومة الحرية للشعب من قبل نفسها دون مجبر.»
24
والواقع أن الجيش هو الذي زحف من سلانيك وأسقط عبد الحميد وقام وحده بالانقلاب العثماني. ومع أن رؤساء الانقلاب قالوا في ندائهم الذي أذاعوه على الشعب: «إن الجيش هو الشعب، والشعب هو الجيش.»
25
فقد ظل الواقع أن الفرق بعيد جدا بين انقلاب تحدثه القوات المسلحة وحدها وانقلاب تفرضه الجماهير المتحفزة.
وكان طبيعيا أن يعمد أدباؤنا ومفكرونا، إثر تجربة الانقلاب العثماني على الخصوص، إلى النظر في قضية الانقلابات الناجعة وخصائصها ومميزاتها، وفي مقدمة هذه الانقلابات الناجعة الثورة الفرنسية الكبرى. تساءل أدباؤنا ومفكرونا: من يهيئ للثورة ويقوم بها؟ ما هي مقاصد الثورة وأهدافها؟
فأما السؤال الأول، فنرى في الجواب عنه مذهبين: مذهبا يقول إن المفكرين هم مهيئو الثورة وموقدو شرارتها؛ فالثورة الفرنسية أنشأتها
26
Shafi da ba'a sani ba