Tunanin Larabawa Na Zamani
الفكر العربي الحديث: أثر الثورة الفرنسية في توجيهه السياسي والاجتماعي
Nau'ikan
الغول والعنقاء والخل الوفي
مع أن ذلك ممنوع في العنقاء فإنها نوع من الطيور موجود الأفراد، يذكره أرباب علم الحشايش، وذكر الثعلبي في قصص الأنبياء قضية العنقاء مع سيدنا سليمان في تكذيبها بالقدر. نعم، لا وجود للعنقاء بالمعنى المشهور عند العامة من العرب والإفرنج من أنها من أعلاها عقاب ومن أسفلها أسد، وعلى كل حال فلها في الجملة وجود. وأما المادة الثانية فإنها محض سياسية، ويمكن أن يقال إن الفرد
3
ونحوها لو كانت مرتبة في بلاد الإسلام كما هي في تلك البلاد لطابت النفس، خصوصا إذا كانت الزكوات والفيء والغنيمة لا تفي بحاجة بيت المال أو كانت ممنوعة بالكلية، وربما كان لها أصل في الشريعة على بعض أقوال مذهب الإمام الأعظم.
4
ومن الحكم المقررة عند قدامى الحكماء: الخراج عمود الملك. ومدة إقامتي بباريس لم أسمع أحدا يشكو من المكوس والفرد والجبايات أبدا ولا يتأثرون بحيث إنها تؤخذ بكيفية لا تضر المعطي وتنفع بيت مالهم، خصوصا وأصحاب الأموال في أمان من الظلم والرشوة. وأما المادة الثالثة فلا ضرر فيها أبدا، بل من مزاياها أنها تحمل كل إنسان على تعهد تعلمه حتى يقرب من منصب أعلى من منصبه، وبهذا كثرت معارفهم ولم يقف تمدنهم على حالة واحدة مثل أهل الصين والهند ممن يعتبر توارث الصنائع والحرف ويبقى للشخص دائما حرفة أبيه. وقد ذكر بعض المؤرخين أن مصر في سالف الزمان كانت على هذا المنوال؛ فإن شريعة قدماء القبطة كانت تعين لكل إنسان صنعته ثم يجعلونها متوارثة عنه لأولاده. قيل: سبب ذلك أن جميع الصنائع والحرف كانت عندهم شريفة، فكانت هذه العادة من مقتضيات الأحوال لأنها تعين كثيرا على بلوغ درجة الكمال في الصنائع؛ لأن الابن يحسن عادة ما رأى أباه يفعله عدة مرات بحضرته ولا يكون له طمع في غيره؛ فهذه العادة كانت تقطع عرق الطمع وتجعل كل إنسان راضيا صنعته لا يتمنى أعلى منها، بل لا يبحث إلا عن اختراع أمور جديدة نافعة لحرفته توصل إلى كمالها (انتهى). ويرد عليه أنه ليس في كل إنسان قابلية لتعلم صنعة أبيه، فقصره عليها ربما جعل الصغير خائبا في هذه الصنعة، والحال أنه لو اشتغل بغيرها لنجح حاله وبلغ آماله. وأما المادة الرابعة والخامسة والسادسة والسابعة فإنها نافعة لأهل البلاد والغرباء؛ فلذلك كثر أهل هذه البلاد وعمرت بكثير من الغرباء. وأما المادة الثامنة فإنها تقوي كل إنسان على أن يظهر رأيه وعلمه وسائر ما يخطر بباله مما لا يضر غيره، فيعلم الإنسان سائر ما في نفس صاحبه، خصوصا الورقات اليومية المسماة بالجرنالات والكازيطات، الأولى جمع جرنال والثانية جمع كازيطة؛ فإن الإنسان يعرف منها سائر الأخبار المتجددة سواء كانت داخلية وخارجية؛ أي داخل المملكة أو خارجها، وإن كان قد يوجد فيها من الكذب ما لا يحصى إلا أنها قد تتضمن أخبارا تتشوف نفس الإنسان إلى العلم بها. على أنها ربما تضمنت مسائل علمية جديدة التحقيق أو تنبيهات مفيدة أو نصايح نافعة، سواء كانت صادرة من الجليل أو الحقير؛ لأنه قد يخطر ببال الحقير ما لا يخطر ببال العظيم، كما قال بعضهم: لا تحتقر الرأي الجليل يأتيك به الرجل الحقير؛ فإن الدرة لا تستهان لهوان غواصها.
وقال الشاعر:
لما سمعت به سمعت بواحد
ورأيته فإذا هو الثقلان
فوجدت كل الصيد في جوف الفرا
Shafi da ba'a sani ba