النقد:
الأدباء هم الذين ينتجون هذه الآثار، وينسجونها من خيالاتهم وأفكارهم، أما النقَّاد فهم الذين يَزِنون هذه الآثار ويقوِّمونها. والنقد هو عرض هذه الآثار على الميزان الذي يتخذه الناقد لنفسه، والمبدأ الذي يصدر عنه في أحكامه.
والنقد نقدان: نقد صوري (de forme) ونقد معنوي (de fond) والميزان في الأول اللغة وقواعدها وعلومها. مما لا مجال للرأي فيه ولا سبيل إلى الاختلاف في شيء منه. والميزان في الثاني مذهب الناقد الذي اتخذه لنفسه، وآمن به. ولكنك إذا حققت لم تجد في هذا المذهب إلا رأي الناقد وصورة من نفسه وأسلوبه. مهما حاول النقاد إثبات الموضوعية لمذاهبهم. ذلك لأن الإنسان لا يستطيع أن يتجرد في نقده من نفسه، وأن يبرأ من أسلوبه.
ولعلي لا أكون مغاليًا إذا قلت: إن النقد هو الموازنة بين أسلوبين ذاتيين ليس إلا!
تاريخ الأدب:
أما تاريخ الأدب فهو المرحلة التي تلي مرحلة النقد. بل هو الشكل الكامل للنقد. وهو تصنيف الآثار الأدبية (Classification) وبيان تسلسلها وارتباطها بما قبلها وما بعدها. وبعبارة جامعة هو كما يقول بعض الإفرنج: «مجموع القواعد المتعلقة بآثار الفكر والخيال» - وتاريخ الأدب أقرب إلى العلم من الأدب نفسه وإن لم يصبح بعد في مرتبة العلوم.
عناصر التحليل الأدبي:
إن على مؤرخ الأدب عند تأريخه أديبًا، وتحليل شخصيته. أن يدرسه من حيث هو رجل له شخصية متميزة كوَّنتها طائفة من العوامل، ونتج عنها طائفة من الأخلاق والسجايا. ومن حيث هو أديب له آثار أدبية تتصل بنفسه صلة
1 / 44