فبهتت بوليت وقالت: عفوا أيتها السيدة فإنني لم أفهم ... وكنت أظن ... وانثنت إلى الخادم ملطار وكان يتستر وراء الستر، فقالت له: أنت المخطئ يا ملطار؛ لأنك قلت إن مدام دي موري آتية.
فلبث جامدا لا يحير جوابا، فتقدمت جرجونة وقالت: أظنك ابنة الكونت دي موري؟
فخفضت الفتاة رأسها. فقالت جرجونة: لا يحق لك أن توبخي ملطار على ما قال؛ لأنه لم يقل إلا حقا، وأنا الكونتة دي موري الآن.
فلم تفهم بوليت، وظنت أن تلك السيدة نسيبة لها تجهلها، ولاحظتها جرجونة، فقالت: نعم، أنا الكونتة دي موري، زوجة أبيك. قالت: أنت زوجة أبي!
وكان في صوتها معنى الاحتجاج والانذهال، ثم تقهقرت وقالت: حذار يا أبي، فإن هذه المرأة مجنونة!
ولجأت إلى صدر أبيها خائفة، فقالت لها الكونتة بسكينة: لئن لم تكن قد أنبأت ابنتك بالحقيقة، فقد آن أوان إنبائها، ألست ترى أية إساءة أورثني إياها جهلها؟ فقل لها إنني زوجتك حقا.
فثارت بوليت وقالت: ألا تسمع يا أبي؟ إنها تجسر على أن تدعو نفسها الكونتة دي موري وتدعوك زوجها! فأسكت هذه المجنونة.
فطأطأ دي موري رأسه كمجرم يقر بجريمته، وقال بصوت خافت: نعم، إنها زوجتي، وإنها الكونتة دي موري حقا.
فصاحت بوليت: إذن فما تكون أمي يا ترى؟
فلم يبق موضع للسكوت أو الكتمان أو المواربة؛ لأن كل كلمة في مثل ذلك الوقت تحاكي خنجرا ذا حدين، فقال: لقد أخبرتك يا ابنتي بالانفصال الذي وقع بيني وبين أمك، لكنني لم أطلعك على الحقيقة بتمامها؛ فقد قطع الطلاق كل صلة كانت بيني وبينها، وإذ ذاك تزوجت السيدة التي ترينها أمامك، إذن فهي الكونتة دي موري حقا، أي زوجتي.
Shafi da ba'a sani ba