فأجابه الجوهري: ما دمت قد تكرمت أيها الكونت فاتخذتني شريكا لك في هذا العمل فلا بد لي من أن أقر لك بأمر: إن الدوقة قد أنبأتك بالحقيقة؛ لأن زوجتك طلبت مني مائة ألف فرنك كان ينبغي أن أسلمها إياها غدا، إلا أن الذي وعدني بالمال لم ينجز وعده، فجئت الآن لأطلب إليها أن تمهلني بضعة أيام.
وهكذا جاء كلام الجوهري مطابقا لما ذكرته الدوقة عن القرض، فلم يشك الكونت في أن السبب هو ما أشارت إليه الدوقة، فشعر بطعنة خنجر أصابت فؤاده، لكنه تجلد وابتسم وقال: ذلك لا يغير شيئا من هذه المسألة، وقد خطر لي تسهيل المهمة الخيرية حتى لا تحبط مساعي الكونتة، وسوف ترى أن ذلك من أيسر الأمور، لا شك أن حلي الكونتة باقية في حانوتك، فتكرم بإحضارها.
قال: عفوا أيها الكونت فتلك الحلي معي، وقد جئت بها لئلا ترجع الكونتة عن رأيها عند علمها بأنني غير قادر على إحضار المائة ألف فرنك لها في الموعد الذي ضربته؛ إذ ربما تروم أن تفاوض غيري. قال الكونت: إذن قد تيسر الأمر وربحنا الوقت، فأعد إلي الحلي فأعطيك ذلك المال تسلمه إلى زوجتي دون أن تنبئها بمصدره، وهكذا يتم لها ما أرادته من عمل الخير ومواصلة الإحسان والبر، ولا تنتقل حلي الأسرة وجواهرها من مكانها.
فأجابه: الأمر إليك إيها الكونت، وقد سرني هذا الاتفاق؛ لأنني - ولا أكتم عنك - كاره لمثل هذه الأعمال ... فإليك الحلي ...
قال: أما أنا فبعد هنيهة أوافيك بالمال المطلوب، فانزل إلى الطبقة الثانية من هذا المنزل والحق بي إلى غرفتي، وإياك أن تتلفظ بكلمة عما جرى بيننا. فحياه الجوهري ومضى. فانثنى الكونت إلى الدوقة وقال وصوته يتهدج وكلماته تتقطع: إذن كان ذلك حقا ... لقد خانتني الكونتة وأهانتني وكستني عارا، فويل لها من شقية، خدعتني وأنا أحاول التغلب على هوى ملك حواسي وأنكرته على نفسي، وكل ذلك تشبثا بالفضيلة وحرصا على فؤادها الكاذب!
فرثت له جرجونة وقالت له: خفض عنك ولا تحزن! فأثر فيه صوتها، وفكر في وجوب الانتقام لنفسه وشرفه، فقال لها: نعم، قد هدأ جأشي، ولكن اذكري لي اسم شريك المجرمة، أجابت: لست أعرفه.
قال: حاذري من الكذب، ولا فائدة من الرأفة بعد اطلاعي على ما كنت أجهل، فاذكري لي ذلك الاسم.
قالت: أقسم لك على أنني أجهله.
قال: إذن سوف أعرفه أنا ... فإلى أين تنوي حمل ذلك المال؟
أجابت: ذلك يمكنني أن أقوله، فغدا عند الساعة الرابعة تلتقي بالرجل في كنيسة سن جرمن، وهو يسلمها الرسائل هناك، كما تسلمه هي المال.
Shafi da ba'a sani ba