تأليف
محمد لطفي جمعة
عفوا تعف نساؤكم. (حديث)
لا تلم المرأة الساقطة في مهاوي عارها، إنك لا تدري تحت أي حمل سقطت من أحمال الدنيا وأثقالها. (فيكتور هوجو)
إهداء الكتاب
إلى تلك النفوس التي أساءت إليها الإنسانية وأجسامها تئن تحت التراب، وهي تائهة بين الأرض والسماء، تجذبها أخواتها إلى العلى، وتهبط بها ذنوبها إلى أسفل سافلين.
مقدمة
منذ أربعة شهور، جلست في غرفتي أمام منضدة الكتابة، وأردت أن أكتب قصة، فقلت: ماذا أكتب؟ إني لا أرغب أن أقص قصة غرام طاهر وحب نقي وقلوب طيبة ووعود وزواج، هذه الأشياء ليست موجودة إلا في خيال المؤلفين، وبقيت أمل القلم، وكلما هممت بالكتابة أحس بيد قوية تعوقني حتى يجف القلم ويطير المداد في الهواء.
إن دماغي مملوءة بالآراء والقصص، ولكن كل ما يحيرني هو الانتقاء؛ أي قصة أنتقي؟ وأي فكر أختار؟ كثيرا ما قرأت وكتبت قصصا أبطالها: رجال ذوو همة وشجاعة وكرم وصداقة، وفتياتها جميلات ذوات عفة وطهر ونقاء، ولكن أي رجل الآن شجاع كريم صادق الوعد، وأي امرأة عفيفة نقية حافظة للعهد؟ اقلب كلامك، وضع يدك على من شئت، آن الآوان لأن نترك الخيال جانبا، ونقف على الحقيقة، إذن فلنكتب قصة عن الناس الذين حولنا الذين نعيش بينهم ويعيشون بيننا.
نعم، إنني أعلم أني بذلك أحرك الماء الراكد الآسن، وأفضح معايب الهيئة الاجتماعية، ولكن أرى أن تصوير البشر كما هم أفضل بكثير من تصويرهم كما يجب أن يكونوا، إن جمهور القراء يطلب قصة عن أميرة فتاة جملية غنية تقع في ورطة؛ فينجيها من الموت شاب جميل فقير شجاع فيتزوجها، ولكن أنا لا أطلب ذلك، أنا أطلب أن أنزل بالقراء إلى ميدان الحياة الواسع، أرغب أن أنزل بهم إلى ملعب الحياة الذي يمثلون فيه أدوارهم وهم لا يحسون.
Shafi da ba'a sani ba