وجدت صديقى ينتظرنى - كما وعد - فدخلنا معا وجلسنا متقابلين إلى مائدة صغيرة، وبدأنا بأيدينا ففركناها.. فقد كان البرد شديدا، وكان كلانا قد خلع المعطف والطربوش، وكانت الحجرة دافئة ولكنه لم يكن قد مضى من الوقت ما يكفى لانتقال الدفء إلى أبداننا. ثم أكب صاحبى على البيان الذى فيه ألوان الطعام، وجعل يسردها لى لأتخير ما يطيب لى منها. وفرغنا من ذلك بعد طول التردد، وانصرف العامل بدفتره الذى دون فيه ما طلبنا، فقال صديقى وهو يميل على المائدة: «والآن ما العمل»؟
قلت: «هذا هو السؤال الأبدى.. وما أظن بنا إلا أننا سنظل نسأل عن ذلك طول العمر - طال أم قصر - المسألة مسألة حظ يا صاحبى».
فقال: «كلا.. لابد أن هناك وسائل لاكتساب المال بسرعة.. كثيرون يفعلون ذلك. وهذا دليل على أن الوسائل موجودة، ولكنا نحن - لسبب ما - لا نهتدى إليها».
قلت: «فليكن الأمر كما تصوره، فلست أرى أن هذا يجدينا شيئا».
قال: «ولكن لابد أن تكون هناك وسيلة».
قلت: «إذا كان ينفعك أو يريحك الإيقان من ذلك.. فأيقن وأرح نفسك».
فقال وهو يهز رأسه: «نحن اثنان.. كلانا محتاج إلى مبلغ حسن من المال.. والحاجة ملحة والسرعة لا مفر منها. لا سبيل إلى الاقتراض، لأن الذين يقرضون يطلبون ضمانا.. شيئا يطمئنون به على مالهم.. سخافة.. ولماذا ينبغى أن نرد شيئا؟ ألسنا أحق بالمال من هؤلاء الذين لا يعرفون كيف ينفقونه ويروحون يكترونه ويدفنونه فى خزانات أو فى قدور يدسونها تحت الأرض»؟
فضحكت، وقلت: «هذه بلشفية».
قال: «لا تصدق.. آه لو كنت غنيا، إذن لصارت الدنيا أرغد وأهنأ».
قلت وأنا أبتسم: «ماذا كنت تصنع»؟
Shafi da ba'a sani ba