هذا بالطبع لا يعني أن الطبقة الدنيا من جهة أخرى قد تمتعت بأي من أسباب السعادة. اقتبس موستين بعد عام من احتفالات افتتاح قناة السويس وصف لوسي داف جوردون لمعاناة هذه الطبقة في كتاب «رسائل من مصر»، تبدأ لوسي وصفها قائلة: «لا يسعني أن أصف المعاناة الكائنة هنا الآن.» ثم تضيف: «تفرض ضريبة جديدة كل يوم، على كل دابة سواء أكانت جملا أم بقرة أم شاة أم حمارا أم حصانا، ولم يعد الفلاح يجد الخبز، وأصبح يعيش على الشعير المطحون الممزوج بالماء مع الخضراوات النيئة ونبات الفول وما إلى ذلك.» عبر الشاعر المعاصر صالح مجدي عن استياء المصريين كافة من حكم الأرستقراطيين - لا سيما من الخديوي إسماعيل نفسه - بأبيات من الشعر قال فيها:
أنفق المال لا بخلا ولا كرما
على بغي وقواد وأشرار
والمرء يقنع في الدنيا بواحدة
من النساء؛ ولم يقنع بمليار
ويكتفي ببناء واحد؛ وله
تسعون بيتا بأخشاب وأحجار
فاستيقظوا لا أقال الله عثرتكم
من غفلة ألبستكم ملبس العار!
وقد اتسعت الفجوة بين الفقراء والأغنياء أكثر بحلول عهد الملك فاروق . كتب آرثر جولدشميدت في كتابه «مصر الحديثة: نشأة أمة» يقول: «لم يملك فقراء الفلاحين المال لدفع رسوم التعليم لإرسال أبنائهم وبناتهم إلى المدارس؛ فلم يكن بمقدورهم حقا الاستغناء حتى عن الدخل الضئيل الذي يحصلون عليه من عمل أبنائهم في الحقول.» ثم أضاف جولدشميدت أن نسبة الوفيات، لا سيما بين الرضع والأطفال في المناطق الريفية، كانت من بين الأعلى على مستوى العالم. ولم يملك الفقراء الأشد فقرا منازل، فنام المشردون على مداخل الأبواب وتحت الجسور وفي محطات السكك الحديدية.
Shafi da ba'a sani ba