والثاني:
في منهج دراسة الأدب المصري، من جمع النصوص وضبطها وتصنيفها ونقدها، إلى دراسة البيئة المصرية المادية والمعنوية.
ويجب أن ننبه هنا إلى أن مصرية الأدب لا اتصال بينها وبين ما يزعمه الزاعمون من فرعونية مصر؛ «فنحن إنما ندرس هذه المصرية الأدبية في صورتها العربية، ودورها الإسلامي، أيام إذ عرفت ذلك كله، وانحازت إليه، وشاركت فيه، وعملت من أجله.»
1
والوحدة العربية «لن يضيرها أن يشعر كل جزء من أجزائها، وكل جانب من جوانبها، بوجوده، وذاته، وشخصيته، فيكون بذلك جزءا وعنصرا نافعا مجديا على الوحدة التي يدخلها، والاتحاد الذي يشاطر في تأليفه وتقويته. ونحن في كل حال نقدر في يقظة واهتمام، أن هذه العصور التي ندرسها عربية السنخ، عربية الجذر، إسلامية العرق، ما ننكر شيئا من ذلك، ولا نشاح فيه أحدا. فمصر المدروسة لنا في هذا الأدب المصري، إنما هي مصر الإسلامية العربية، في العصر الذي امتدت فيه للإسلام دولة، وقام العرب بنصيب من دفع الإنسانية إلى الحياة، وتوجيهها للنهوض، وكذلك تؤرخ البلاد الأخرى. هذا التاريخ الأدبي الإقليمي لهذا الدور، تفعل ذلك الشام العربية الإسلامية، والعراق الذي هو كذلك، والمغرب الذي له هذا اللون. ومن هنا تكون العربية الأولى منبعا وأصلا لهذه الآداب الإقليمية، في كل صورة من صورها، وتكون اللغة العربية الأولى، والأدب العربي الأول في الجزيرة، هي الأصل الجامع الذي انشعبت عنه هذه الآداب، فهو يقوم منها مقام النواة والجرثومة.»
2
وإذا كانت مصر قد بدأت تفيق وتحس نفسها الجامعة والمتكثرة، فإن عليها أن تشرع في جمع تراثها الأدبي وغربلته والمحافظة عليه، ثم العمل على إحلال الممتاز منه محل هذه القوالب الواردة عبر البحر أو عبر الصحراء. وحرام أن يتخصص في هذا الأدب قوم من غير مصر فتمنحهم هيئاتهم العلمية أرقى إجازاتها، ونعكف نحن على دراسة الأدب اليوناني واللاتيني والفارسي والتركي والإنجليزي والفرنسي و...، و...، مع أن هذا الأدب المصري حقيق بوقفة الباحث المصري، ونظرة المؤرخ المصري، وحكم الناقد المصري.
عبد الحميد يونس
عضو لجنة ترجمة دائرة المعارف الإسلامية
الأدب المصري
Shafi da ba'a sani ba