350

A Cikin Adabin Zamani

في الأدب الحديث

Nau'ikan

وطئت أقدام العرب كثيرا من أرض القارة الأوروبية, وعبرت بعضها عبور المسافر أو المغامر أو التاجر، ووقفت في بعضها وقفة الفاتح القادر، فعبروا فرنسا عبورا سريعا, وامتد طوفانهم إلى أودية "بوردو"، وتألب عليهم أوشاب أوربا من فرنسيين وألمان, وسواهم, حتى انحسر طوفان العرب عن فرنسا غب معركة # "بواتييه" أو بلاط الشهداء، بيد أن مقامه قد طال نوعا في جنوب فرنسا من جهة البحر الأبيض المتوسط، وتركوا ثمة آثمارا في صميم الحياة الفرنسية تدل على طول المكث والعشرة, ولا سيما في مقاطعة "بروفانس" وقد امتد نفوذهم منها حتى سويسرا عبر جبال الألب.

وأقاموا بصقلية قرنين ونصف قرن من الزمان، وتركوا من المساجد والآثار في "بالرمو" ما يشهد بعزهم وثروتهم وحضارتهم, ولم يكن من السهل التخلص من ثقافتهم وآثارهم حتى بعد جلائهم عن بعض تلك البلاد والثغور، لا أدل على ذلك من صقلية, فقد ظلت العربية في بلاط ملوكها, وعلى ألسنة أهلها بعد نزوحهم عنها بقرون, وقد بلغ من سلطانهم أن ملوك صقلية تزيوا بزي العرب، ورأس وزاراتهم, وقاد جيوشهم, وأشرف على أمورهم عرب أقحاح ممن تخلف الجزيرة بعد نزوح جمهرتهم، وهاك ابن جبير يقول في رحلته المشهورة حين زار صقلية سنة 1187, في عهد الملك غليوم: "وشأن ملكهم هذا عجيب في حسن السيرة واستعمال المسلمين.. وهو كثير الثقة بهم, وساكن إليهم في أحواله والمهم من أشغاله، حتى إن الناظر في مطبخه رجل من المسلمين، وعليهم قائد منهم.. ومن عجيب شأنه المتحدث به أنه يقرأ ويكتب بالعربية، وشعاره على ما أعلمنا أحد المختصين به، الحمد الله، حق حمده".

Shafi 374