252

A Cikin Adabin Zamani

في الأدب الحديث

Nau'ikan

لما عطلت الجريدة، وانفرط عقد هذه الجماعة الصغيرة المجاهدة، ورجع الشيخ محمد عبده وميزرا باقر إلى بيروت، وطلب شاه العجم السيد جمال الدين فلبى دعوته عله يجد ميدانا صالحا للجهاد، وأرضا خصبة لغرس تعاليمه، وملكا شهما مستنيرا ينفذ آراءه, فيكون هو الأمل المنشود، ولكن هيهات وملوك ذاك الزمان ما ألفوا أن يشاركهم في سلطانهم أن جاههم أحد، ولذلك سئم الشاه "نصر الدين" صحبة السيد، ودبت في نفسه الغيرة منه، ولما أحس جمال الدين أنه أخذ # يتنكر له, استأذن في الرحيل، ويمم صوب روسيا، حيث قضى بها ثلاث سنوات, يحرك روسيا ضد إنجلترا، ويشن هجمات متتالية شديدة على شاه الفرس كي يقر النظام الشوري، ولما سأله القيصر عن سبب عدواته للشاه, أجاب بأنه نظام الشورى الذي لا يرضيه، والذي لا أنفك أدعو إليه ما حييت، فقال القيصر: إن الشاه على حق، فكيف يرضى ملك أن يتحكم فيه فلاحو مملكته، فقال السيد: أعتقد يا جلالة القيصر أنه خير للملك أن تكون ملايين رعيته أصدقاءه من أن يكونوا أعداءه يترقبون له الفرص، فلم يعجب القيصر هذا الحديث، وكان من الطبيعي ألا يعجبه وهو المستبد الذي لا ينازعه سلطته منازع، ولذلك عمل على إبعاده من روسيا1.

ومن ثم توجه السيد إلى باريس ، وفي طريقه إليها تقابل مع الشاه مرة ثانية واعتذر للسيد عما حدث، ووعده أن يمهد له طريق الإصلاح إن هو عاد معه، وتمنع السيد جمال الدين، ولكن رغبته في الإصلاح وحرصه عليه جعلته يقبل الرجوع إلى طهران، وفيها أخذ يعد العدة للإصلاح وإقامة العدل، هو ومن التف حوله من العلماء والعظماء، والشاه يظهر استعداده لتقبل هذا الإصلاح، ولكن الصدر الأعظم في تركيا خشي إن تمكن نظام الشورى في فارس أن تسري عدواه، فوسوس للشاه، ونفره من هذا الإصلاح بدعوى أن ذلك يحد من سلطانه، ويتركه إمعة لا رأي له في بلده، فتجهم للسيد جمال الدين، ولكن هذا لجأ إلى ضريح ولي في بلاده "شاه عبد العظيم" وهو حرم من دخله كان آمنا، ووافاه جم غفير من العلماء والزعماء ولقنهم دعوته، وملأ قلوبهم إحنا وبغضا للشاه ونظامه، فاغتاظ هذا, وأرسل جنده إليه، واقتحموا عليه الضريح غير مبالين بحرمته، ولا بمرض السيد، وفي ذل يقول: "سحبوني على الثلج إلى دار الحكومة بهوان وصغار وفضيحة لا يمكن أن يتصور دونها في الشناعة ... ثم حملتني زبانية الشاه وأنا مريض -على برذون، مسلسلا، في فصل الشتاء, وتراكم الثلوج والرياح الزمهريرية, وساقتني جحفلة من الفرسان إلى خانقين" ومنها سافر إلى البصرة, وهو في أشد حالات المرض، وكاد يقضى عليه لولا رحمة الله به2.

Shafi 273