240

A Cikin Adabin Zamani

في الأدب الحديث

Nau'ikan

3- النثر الأدبي، وهو أشد أنواع النثر حاجة غلى تخير اللفظ، والتأنق في النظم، حتى يخرج الكلام مشرقا منيرا، لطيف الموقع في النفوس، حلوة النبرة في الآذان؛ لأن للموسيقى اللفظية أثرا كبيرا في الأذهان، وهو أدنى أنواع النثر إلى # الشعر؛ ولهذا لا ينكر منه البديع، على ألا يكون من الكثرة بحيث يستهلك ذهن القارئ, وبحيث لا يستكره على النظم استكراها، ولا تساق الجملة لمجرد اصطياده، بل إن خيره ما جاء عفوا.

ويقضي التأنق في اللفظ، جودة السبك، وتفتيق المعاني، معرفة بأسرار اللغة، ووفرة محصول من المفردات، وخبرة بالكلام الجيد، واستظهار كثير من المنثور والمنظوم، هذا إلى طبيعة مواتية، وحس مرهف، وذوق، وفطنة إلى مواطن الجمال.

وعلينا بعد أن سقنا إليك أمثلة من أنواع النثر، وعرفناك بخصائصه ومميزاته، أن نطلعك على سير موجزة لأعلام البيان في هذا العصر، وما برز منهم غير هؤلاء الذين ترجمنا لهم آنفا؛ أمثال: الشدياق وأديب إسحق.# 1-

جمال الدين الأفغاني

:

وإذا أردت أن تقف على الروح التي تكمن من وراء هذا الأديب الحي، والتي بعثت في الشرق الإسلامي كله حيوية دافقة، وهزته هزة عنيفة أيقظته من نومه الطويل، وعرفته كيف يطلب حقه من الأقوياء العتاة، وكيف يدفع عن نفسه جور الظلمة القساة، فاعلم أن الروح تمثلت في السيد

جمال الدين الأفغاني

: من يدين له الشرق الإسلامي بيقظته القومية والفكرية في العصر الحديث.

رجل فرد، استطاع بما أوتي من عزيمة جبارة تنهار أمامها العروش, وتزلزل الممالك، وتتقوض الحصون، وبما أوتي من فكر نير مشرق ملهم, ينقشع أمام ضوئه الوهاج حندس الجهل وغياهب الظلم، وبما أوتي من لسان ذرب طلق، حاد مطواع، يدفعه شعور متقد، وعاطفة متأججة، وإحساس مرهف، وحماسة عارمة, فيلهب بهذا اللسان، وذاك الشعور كل ما ينصت إليه، فيحيل البليد نشيطا، والجبان جريئا، والخامل مقدما؛ استطاع هذا الرجل وحده بهذه القوة أن يخلق قادة وزعماء، وأن يكون جيلا من الناس يسيرون بأممهم إلى حيث أمل السيد وصوب، فكان بعمله أقوى من الحكومات القومية الفتية.

Shafi 261