Masanin Falsafa da Fasahar Kiɗa
الفيلسوف وفن الموسيقى
Nau'ikan
Webern » عاجزا عن أن ينتزع من الإعجاب ما كان يلقاه الموسيقار المجدد في القرن التاسع عشر بعد سنوات قليلة من ظهور إنتاجه.
والخلاصة أن الحجة التي ترتكز، في تبريرها للاتجاهات المتطرفة في الموسيقى المعاصرة، على السوابق التاريخية ، قد أصبحت حجة بالية من فرط ما استهلكها المفكرون الجماليون، واستنفدت أغراضها، وبدأ بطلانها ينكشف في ضوء التطورات التكنولوجية المعاصرة. •••
بقيت كلمة أخيرة عن طريقة تأليف هذا الكتاب؛ فالمؤلف هو أستاذ مساعد للفلسفة في كلية بروكلين بنيويورك، هو في الوقت ذاته موسيقي مكتمل التكوين. هناك احتمال كبير في أن يكون الكتاب كله، أو أجزاء منه، قد صيغ أصلا على هيئة محاضرات، بدليل ما نجده في بعض الفصول من تلخيص للفصول السابقة على طريقة الدروس الملقاة في المحاضرات. ومن جهة أخرى فإن المؤلف نظرا إلى كونه يرجع إلى أصل غير أمريكي، كان في بعض الأحيان يرتكب هفوات لغوية شكلية استبحت لنفسي أن أصححها، وأقوم بالترجمة على أساس التصحيح، دون خروج أساسي عن الأصل أو تحريف له، وأنا أعد نفسي مسئولا عن هذه التعديلات القليلة مسئولية كاملة.
فؤاد زكريا
مقدمة المؤلف
كان لكتابات الفلاسفة تأثير كبير في التطور التاريخي للموسيقى في الحضارة الغربية. وسوف يتضح لنا في الصفحات القادمة من هذا الكتاب أن الفلاسفة، وإن كانوا في عمومهم كتابا نظريين ليس لديهم من الخبرة الفنية ما يتيح لهم تقويم التركيب الفعلي للموسيقى، كانت لديهم مع ذلك آراء كثيرة في الموسيقى، وفي تأثير الفن الموسيقي في سلوك الإنسان. والواقع أن الحياة الاجتماعية والثقافية والدينية للإنسان الغربي تشهد بوضوح بمدى تأثير نظريات الفلاسفة في مجرى الموسيقى في الحضارة الغربية.
ولقد كان الفيلسوف القديم يرى في الموسيقى أكثر من مجرد تعبير عن المشاعر، فلم يكن يقنع بالنظر إليها على أنها وسيلة من وسائل الاتصال الفني ينقل بها الموسيقار الشاعر في العالم القديم أفكاره وأحواله الانفعالية إلى الآخرين. وإنما حاول الفيلسوف اليوناني أن يعرف إن كان أصل الموسيقى يرجع إلى «مصدر علوي» معين يعلو على أفهام البشر. وكان يؤمن بأنه توصل إلى معان أخلاقية في الألحان، وإلى دلالات أخلاقية في الإيقاعات. وعندما لاحظ تأثير الموسيقى في سلوك الإنسان، وصل إلى أن الموسيقى قد تهذب الطبع، وقد تزيده انحطاطا. ولما لم يكن لديه من العتاد الذهني ما يتيح له فهم الموسيقى الفعلية ذاتها، فقد نسب إلى أصل الموسيقى وقواها خصائص صوفية. ونظرا إلى انعدام ثقته في الانفعالات، وإلى تمجيده للعقل، فقد كان يخشى من تلك الآثار التي يمكن أن تجلبها الإيقاعات المتوثبة والأنغام المفرطة في حسيتها على الجسم والذهن. وقد استنتج أن الإيقاع واللحن إنما هما محاكاة لحركات الأجرام السماوية التي تصدر عنها خلال حركتها في السموات موسيقى إلهية لا تدركها آذان البشر. وعلى أساس هذا الافتراض، انتهى إلى أن فن الموسيقى مقلد لقوانين الطبيعة، ولما كان النظام الأخلاقي ساريا على الكون، فإن للموسيقى قيمة أخلاقية.
ولقد عمل المسيحيون في كتاباتهم على تجميل وتزويق تلك الصورة الخيالية الجامحة، وتلك المضمونات الأخلاقية التي نسبها الفلاسفة القدماء إلى الموسيقى. واستعاض آباء الكنيسة، ومن بعدهم قادة حركة الإصلاح الديني، عن تلك النظرية الشيقة القائلة إن انسجام الأفلاك هو الأصل الإلهي للموسيقى، بالاعتقاد القائل إن الموسيقى قد وهبت للإنسان بفضل موجود خير، من أجل إعلاء كلمة الله. أما في أيامنا هذه، فقد عدلت أقوال الفلاسفة القدماء، وطبقت تطبيقا عمليا أوسع نطاقا، وأجريت تحليلات أيديولوجية للنظرية الأخلاقية اليونانية، كما تحول استخدام الأثينيين للموسيقى وسيلة للتعليم إلى نوع من الإرشاد السياسي.
على أن هذا الكتاب لا يزعم لنفسه أنه تاريخ للموسيقى، أو أنه عرض عام للفلسفة، وهو قبل هذا كله لا يدعي على الإطلاق أنه دراسة فنية لعلم الموسيقى. وإنما الغرض من هذا الكتاب هو تقديم عرض تاريخي لأصول التفكير الجمالي في الموسيقى، وتطوره في الحضارة الغربية. ومن رأي المؤلف أن جذور التفكير الجمالي في الموسيقى الغربية ترجع إلى أفلاطون، وأن كتابات هذا الفيلسوف اليوناني ما زال لها تأثيرها الواضح في الموسيقى حتى يومنا هذا.
وربما قيل ردا على ذلك، أنه لا جدوى من إيضاح أوجه الشبه بين المفاهيم الموسيقية لدى القدماء والمحدثين لسبب بسيط هو أن موسيقى القدماء لها صدى انفعالي يختلف عن الموسيقى الشديدة التعقيد عند المحدثين، ولكن الواقع أنه ليس أبعد عن الصواب من الاعتقاد بأن الموسيقى البسيطة التي كان الشاعر اليوناني يجمل بها شعره بالغناء، لم يكن لها في نفوس سامعيه نفس التأثير الانفعالي الذي تحدثه فينا موسيقانا الحديثة الشديدة التعقيد.
Shafi da ba'a sani ba