Masanin Falsafa da Fasahar Kiɗa
الفيلسوف وفن الموسيقى
Nau'ikan
(القرن الخامس ق.م.) غير أن المجددين في ذلك العصر ظلوا يغيرون في الموسيقى والآلات، ملتمسين سبلا جديدة للتعبير. وقد أزعج هذا الاتجاه أفلاطون، وهو يرى الألحان والأنماط الإيقاعية التقليدية تلقى من الجمهور إعراضا متزايدا، بعد أن كانت هي المميزة للفن الهليني.
وظهرت أساليب جديدة أكثر تزويقا أصبحت هي محط الأنظار في عصره، ولو كان لنا أن نقبل شهادة بلوتارك لقلنا إن الموسيقى في عصر أفلاطون كانت تجيش بالعواطف.
ولقد كان لفظ «الموسيقى» يدل عند اليونانيين على مفهوم مزدوج؛ فهو من جهة يشمل جزءا من المناهج التعليمية كالقراءة والكتابة والرياضيات والرسم والشعر. ومن جهة أخرى كان يستخدم بالطريقة التي نستخدمه بها، فيدل على الموسيقى بمعناها الدقيق. ولقد كانت الموسيقى بالمعنى الأخير وثيقة الارتباط بالقراءة والكتابة والرياضيات والرسم والشعر، إلى حد أن أي تغيير في الموسيقى كان يراقب بحذر شديد؛ إذ إنه سيؤثر بالتالي في البرنامج التعليمي الكامل للشباب الأثيني.
وأهم ما في فلسفة أفلاطون في الموسيقى هو أن الموسيقى، من حيث هي مبحث تعليمي وثقافي، ينبغي أن تستخدم في تحقيق أخلاق فاضلة. وقد عرض أفلاطون في محاورة «طيماوس» مذهبا أنطولوجيا يتصور العالم على أنه من خلق عناصر هندسية. وفي خلال عملية إرجاع الطبيعة إلى أنموذج صوفي من العلاقات العددية، أعرب عن الرأي القائل إن الموسيقى قد وهبت للإنسان؛ لكي تجعله يحيا حياة منسجمة حكيمة،
23
وهكذا أصبحت للموسيقى وظيفة غائية تساعد على بلوغ الأخلاق الفاضلة.
ويمكننا أن نعرف بدقة كنه هذه التأثيرات الأخلاقية إذا رجعنا إلى مصادر كتلك الفقرات التي أعرب فيها أفلاطون، في محاورة «الجمهورية»، عن اقتناعه بأن من الواجب إبعاد المقامين الأيوني والليدي من الدولة؛ لأن لهما طابعا ناعما متراخيا، أما المقامان الدوري والفريجي بما لهما من طابع عسكري، فيجب إبقاؤهما. وبعد أن وضع أفلاطون أساسا أخلاقيا للمقامات اليونانية، انتقل إلى تحليل خصائصها؛ أي الإيقاع واللحن، ثم تساءل في محاورة «القوانين» إن كان الإيقاع واللحن في ذاتهما «يحاكيان الخلال الطيبة والسيئة في الناس»، وبعد أن أصبحت آراؤه الموسيقية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالمبادئ الأخلاقية، طبقها بطريقة عملية دقيقة في جملتها على نوع بدائي من «البوليفونية» كان قد بدأ يذيع في أيامه، فوصفه بأنه تخليط نغمي، لا يمكن أن يسفر عنه إلا الاضطراب الذهني، ثم نصح الشاعر المغني اليوناني بأن يؤلف أنشودته الموسيقية، بحيث يمكن أداؤها «نغمة نغمة» لا بواسطة «مجموعة معقدة ومتنوعة من الأنغام» كما يحدث «عندما تعطينا الأوتار صوتا والشاعر أو واضع اللحن صوتا آخر». وهكذا قال أفلاطون محذرا: إن «التوافق والانسجام الذي تتجمع فيه مسافات قصيرة وطويلة، وأنغام بطيئة وسريعة، أو مرتفعة ومنخفضة»، وكذلك التنوعات المعقدة عندما تكيف مع أنغام الليرا، تؤدي قطعا إلى إثارة صعوبات «إذ إن المبادئ المتعارضة تبعث الاضطراب»،
24
والنتيجة التي تنبني على ذلك هي أن تنوع الإيقاع واللحن وتعقيدها أمر ينبغي تجنبه؛ لأنه يبعث الانقباض والاضطراب في الذهن مما قد يبعد الناس عن المجرى الطبيعي للأشياء، وينقلهم إلى عالم اللامعقولية والخبل.
وهكذا رأى أفلاطون أن الأنماط والأنغام الموسيقية المحددة بدقة، والتي تؤثر عاطفيا بفضل بساطتها المباشرة، هي وحدها المفيدة، وفي وسع النوع الصحيح من الموسيقى أن يساعد الإنسان على أن يوائم بين نفسه المتناهية وبين اللامتناهي. «... فالإيقاع والانسجام يجدان طريقهما إلى الأغوار الباطنة للنفس؛ حيث يستقران راسخين»،
Shafi da ba'a sani ba