Masanin Falsafa da Fasahar Kiɗa
الفيلسوف وفن الموسيقى
Nau'ikan
Grillparzer
24
برأي مخالف تماما، ويتخذ الموقف الصحيح إذ يقول: «لعل أحدا لم يضر بالفنون كما أضر بها الكتاب الألمان عندما أدرجوها كلها تحت اسم جامع هو الفن، ولا جدال في أن بين الفنون أمورا كثيرة مشتركة، ولكنها مع ذلك تتباين تباينا شاسعا، لا في الوسائل التي تستخدمها فحسب، بل في مبادئها الأساسية أيضا. ومن الممكن إبراز الاختلاف الأساسي بين الموسيقى والشعر بوضوح بالقول إن الموسيقى تؤثر في الحواس أولا، وبعد أن تثير الانفعالات، تصل إلى العقل آخر الأمر. أما الشعر فإنه يبعث في البداية فكرة تثير بدورها الانفعالات، ولكنه لا يؤثر في الحواس كنتيجة نهائية لأعلى صورة أو أدناها. وإذن فالموسيقى والشعر يسيران في طريقين متضادين تماما؛ إذ إن أحدهما يضفي على المادي صبغة روحية، والثاني يضفي على الروحي صبغة مادية.»
25
ولم يغب عن ذهن الناقد هانسليك أبدا أن التجربة الجمالية هي في أساسها تجربة انفعالية، ولكنه رفض بشدة الرأي القائل إن «القيمة النهائية للجميل تتوقف دائما على شهادة المشاعر.» والواقع أن السمات الأساسية لنظريات شوبنهور الجمالية تتمثل في هذا الناقد الذي عاش في فينا أكثر مما تتمثل في منظم احتفالات بايرويت (فاجنر). فقد اتفق هانسليك مع شوبنهور على أن موسيقى الآلات أرفع من الموسيقى التي يضفي عليها النص صبغة عقلية تصورية. كذلك كان يردد آراء لشوبنهور في قوله: إن الموسيقى لا تستطيع بذاتها أن تمثل أو تعبر عن مشاعر محددة، أو تصور الحب أو الأمل أو الغضب أو الكراهية أو الغيرة أو اليأس. وانتهى مع شوبنهور إلى أن موسيقى الآلات تسير تبعا لقواعد موسيقية محددة، وليست تعبيرا عن مشاعر الموسيقار أو انفعالاته، كما تصور الرومانتيكيون.
وقد رفض هانسليك الفكرة الأفلاطونية القائلة إن الموسيقى محاكاة للطبيعة. وكان ينظر إلى السلم الموسيقي الغربي الحديث على أنه من صنع الإنسان، وأوضح أن الأصوات الطبيعية لا تطابق السلم الدياتوني. وقد تساءل عن حق «من الذي سمع في الطبيعة مسافة الثالثة أو تآلف السابعة مع الخامسة (وهي الدرجة المسيطرة في السلم الدياتوني
dominant seventh chord )» كذلك ساير شوبنهور في قوله إن لموسيقى ليست نسخة أو صورة للإرادة الشاملة، أو بتعبير أفلاطون، ليست محاكاة للطبيعة الكونية، وإنما هي تعبير عن الإرادة ذاتها، بحيث إن الكون يكشف عن روحه في الموسيقى ومن خلالها؛ فالموسيقى عند هانسليك، كما كانت لها عند شوبنهور، حياة خاصة بها، وعالم خاص بها، يبعث فيه النظام في الفوضى، ويكون اللحن فيه أشبه باكتمال الحياة البشرية.
ولقد كان هانسليك من أنصار الفصل القاطع بين الفنون. وفي رأيه أن الموسيقى ذات البرنامج؛ أي تلك التي تحاكى فيها الأصوات الطبيعية بالموسيقى كما هي الحال في مصنف «الفصول» لهايدن أو السيمفونية الريفية لبيتهوفن، يمكن أن تكون لها قيمة بوصفها محاكاة، أو بوصفها مادة لحنية، ولكن لا يمكن أن تكون لها القيمتان معا؛ فمحاكاة الظواهر الطبيعية تضيف إلى الموسيقى عنصرا تصويريا، والموسيقى الخالصة لا تعود خالصة عندما تترك مجال عروض الأفكار الموسيقية، وتبدأ في تصوير ظواهر طبيعية، أو تمثيل حالات شعورية بكل ما يتيحه النظام النغمي من واقعية.
القسم الثالث: الموسيقى في العصر الرومانتيكي
كانت الفلسفة الجمالية للرومانتيكية تنظر إلى الجمال على أنه لا يخضع أو يدين لشيء إلا لذاته. وقد سارع الشعراء والفلاسفة والموسيقيون - فيما عدا القليل منهم - إلى اعتناق هذا المثل الأعلى الرومانتيكي في الفن، بوصفه تمهيدا لعالم أفضل يساعد الفن على تحققه. قد أعلن الشاعر نوفاليس
Shafi da ba'a sani ba