Falsafan Larabawa da Malami na Biyu
فيلسوف العرب والمعلم الثاني
Nau'ikan
أما ابن نباتة المصري فيقول في شرحه لرسالة ابن زيدون:
64 «الكندي هو يعقوب بن الصباح المسمى في وقته «فيلسوف الإسلام» من ولد الأشعث بن قيس، كان أبوه ابن الصباح من ولاة الأعمال في الكوفة وغيرها في أيام المهدي والرشيد، وانتقل يعقوب إلى بغداد واشتغل بعلم الأدب، ثم بعلوم الفلسفة جميعها فأتقنها وحل مشكلات كتب الأوائل، وحذا حذو أرسطاطاليس وصنف الكتب الجليلة الجمة، وكثرت فوائده وتلامذته، وكانت دولة المعتصم تتجمل به وبمصنفاته، وهي كثيرة جدا.»
والكندي هو بلا ريب أول مسلم عربي اشتغل بالفلسفة التي كانت إلى عهده وقفا على غير المسلم العربي، وكان معاصرا لأبي الحسن ثابت بن قرة الحراني الصابئي و«قسطا» بن لوقا البعلبكي المسيحي، وكانوا ثلاثتهم أعلاما في مملكة الإسلام بعلم الفلسفة في وقتهم، كما ذكر ذلك صاعد في كتاب «طبقات الأمم» وكان ذلك جديرا بأن يثير على الكندي أحقادا من كل نوع، فمنها حسد منافسين كعداوة ابني موسى بن شاكر، ومنها إنكار متشددين في دينهم كما رأينا في شعر الناشي. ومن أمثلة ذلك: ما ذكره صاحب «الفهرست» عند الكلام على أبي معشر المنجم قال: «وكان أولا من أصحاب الحديث، ومنزله في الجانب الغربي بباب خراسان، وكان يضاغن الكندي ويغري به العامة، ويشنع عليه بعلوم الفلاسفة، فدس عليه الكندي من حسن له النظر في علوم الحساب والهندسة؛ فدخل فيه فلم يكمل له، فعدل إلى علم أحكام النجوم، وانقطع شره عن الكندي بنظره في هذا العلم؛ لأنه من جنس علوم الكندي.»
وذكر المسعودي في «مروج الذهب»
65
شيئا من آراء الكندي في تأثر العالم بالأشخاص العلوية:
وقد قال يعقوب بن إسحاق الكندي في بعض رسائله في أفعال الأشخاص العلوية والأجرام السماوية في هذا العالم: إن جميع ما خلق الله صير بعضه لبعض عللا، فالعلة تفعل في معلولها آثار ما هي لديه علة، وليس يؤثر المفعول المعلول في علته الفاعلة.
والنفس علة الفلك لا معلولة له ، فليس يؤثر الفلك فيها أثرا؛ إلا أن من طباع النفس أن تتبع مزاج البدن إذا لم تجد شيئا، كما هو موجود في الزنجي الذي حمي موضعه فأثرت فيه الأشخاص الفلكية، جذبت الرطوبات إلى أعاليه، فأجحظت عينيه وأهدلت شفتيه، وأفطست أنفه وعظمته، وأشالت رأسه بكثرة جذب الرطوبات إلى أعالي بدنه، فخالف بذلك مزاج دماغه عن الاعتدال، فلم تقدر نفسه على إظهار فعلها فيه بكمال، ففسد تمييزه وأخرجت الأفعال العقلية منه.
ولئن كان الكندي قد اشتغل بالتنجيم القائم على ربط الحوادث الأرضية بحركات النجوم، وعوارض الأفلاك ومطالع الكواكب، وألف الكتب التي كان لها يومئذ شأن عظيم، فإنه اشتغل أيضا بالأبحاث الفلكية العلمية، وظهر تميزه في هذه الأبحاث لعهده وبعد عهده، واقتبس من مذاهب الهنود ما لم يكن مقتبسا في فنون العرب الفلكية من قبله، وكانت له آراء طريفة بناها على أرصاده وحسابه بنفسه، وأسعده في ذلك تبحره في الرياضيات، والهندسيات.
والشهرزوري يجعل الوصف الأول للكندي: كونه مهندسا، وكذلك يفعل البيهقي، فهما يقولان: «يعقوب بن إسحاق الكندي كان مهندسا، خائضا غمرات العلم.»
Shafi da ba'a sani ba