200

Faydul Qadir

فيض القدير شرح الجامع الصغير

Mai Buga Littafi

المكتبة التجارية الكبرى

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

1356 AH

Inda aka buga

مصر

٣٥٧ - (إذا أحب أحدكم) محبة دينية قال الحراني: من الحب وهو إحساس بوصلة لا يدرك كنهها (أخاه) في الدين كما يرشد إليه قوله في رواية صاحبه وفي أخرى عبدا (فليعلمه) ندبا مؤكدا أنه أي بأنه (يحبه) لله ﷾ لأنه إذا أخبره به فقد استمال قلبه واجتلب وده فإنه إذا علم أنه يحبه قبل نصحه ولم يرد عليه قوله في عيب فيه أخبره به ليتركه فتحصل البركة. قال البغدادي: إنما حث على الإعلام بالمحبة إذا كانت لله لا لطمع في الدنيا ولا هوى بل يستجلب مودته فإن إظهار المحبة لأجل الدنيا والعطاء تملق وهو نقص والله أعلم <تنبيه> ظاهر الحديث لا يتناول النساء فإن اللفظ أحد بمعنى واحد وإذا أريد المؤنث إنما يقال إحدى لكنه يشمل الإناث على التغليب وهو مجاز معروف مألوف وإنما خص الرجال لوقوع الخطاب لهم غالبا وحينئذ إذا أحبت المرأة أخرى لله ندب إعلامها
(حم خد د) في الأدب (ت) في الزهد وقال حسن صحيح (حب ك)
وصححه (عن المقداد بن معد يكرب) الكندي صحابي له وفادة وشهرة (حب عن أنس) بن مالك (خد عن رجل من الصحابة) رمز لحسنه وهو أعلى من ذلك إذ لا ريب في صحته
٣٥٨ - (إذا أحب أحدكم صاحبه) أي لصفاته الجميلة لأن شأن ذوي الهمم العلية والأخلاق السنية إنما هو المحبة لأجل الصفات المرضية لأنهم لأجل ما وجدوا في ذاتهم من الكمال أحبوا من يشاركهم في الخلال فهم بالحقيقة ما أحبوا غير ذواتهم وصفاتهم وقد يدعي شموله للمحبة الذاتية أيضا إذا عرت عن المقاصد الفاسدة ﴿والله يعلم المفسد من المصلح﴾ (فليأته) وفي (منزله) أفضل (فليخبره أنه يحبه) بأن يقول له إني أحبك (لله) أي لا لغيره من إحسان أو غيره فإنه أبقى للألفة وأثبت للمودة وبه يتزايد الحب ويتضاعف وتجتمع الكلمة وينتظم الشمل بين المسلمين وتزول المفاسد والضغائن وهذا من محاسن الشريعة وجاء في حديث أن المقول له يقول له أحبك الذي أحببتني من أجله
(حم والضياء) المقدسي (عن أبي ذر) نص رواية أحمد عن يزيد بن أبي حبيب أن أبا سالم الجيشاني جاء إلى أبي أمامة رضي الله تعالى عنه في منزله فقال سمعت أبا ذر يقول إنه سمع رسول الله ﷺ يقول فذكره قال الهيتمي وإسناده حسن
٣٥٩ - (إذا أحب أحدكم عبدا) أي إنسانا ولا ينفك من هذا النعت قال:
وإن تسألوني قلت ها أنا عبده. . . وإن تسألوه قال ذلك مولاي
فالمراد شخص من المسلمين قريب أو غيره ذكرا أو أنثى لكن يظهر تقييده فيها بما إذا كانت حليلته أو محرمه (فليخبره) بمحبته له ندبا (فإنه) أي المحبوب (يجد مثل الذي يجد له) أي يحبه بالطبع لا محالة كما يحبه هو فإن القلب لا يحب إلا من يحبه كما قال:
يقاس المرء بالمرء. . . إذا ما هو ماشاه
وللشيء على الشيء. . . مقاييس وأشباه ⦗٢٤٨⦘
وللقلب على القلب. . . دليل حين يلقاه
وأنشد بعضهم:
سلوا عن مودات الرجال قلوبكم. . . فتلك شهود لم تكن تقبل الرشا
ولا تسألوا عنها العيون فإنها. . . تشير بشيء ضد ما أضمر الحشا
ولكون القلب يدل على القلب قال الحكماء المحبوب جزء محبوبه فمن أحب إنسانا لأجل أفعاله أو ذاته الجميلة فذاك جمال باطنه أشرق بمرآة جمال محبوبه والجمال الظاهر جزء من الجمال الباطن والألفة بين المتحابين ليست إلا للاشتراك في جمال الباطن أو ضده ولذلك ترى من هو قبيح المنظر وتحبه وترى حسن المنظر وتبغضه ولله در القائل:
وإذا اعتراك الوهم في حال امرئ. . . فأردت تعرف خيره من شره
فاسأل ضميرك عن ضمير فؤاده. . . ينبيك سرك بالذي في سره
وهذا يفتح لك باب سر الفراسة الحكمية ويسن أن يجيبه المخبر بقوله أحبك الذي أحببتني من أجله كما جاء في الخبر المار
(هب عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه عبد الله بن أبي مرة أورده الذهبي في الضعفاء وقال تابعي مجهول

1 / 247