من مرتبة العلم الى العين ومن العين الى الحق فقد نلت بما نلت وفزت بما فزت وليس وراء الله مرمى ومنتهى. وبعد ما قد وصلت الى هذا المشهد العظيم. وتمكنت في مقام الرضاء والتسليم. فقد تحققت بشئون الوجود ونشآته الغير المحدودة. وحينئذ قد ظهر عندك ولاح لديك كمالات الوجود المتجددة. دائما بالأمثال الى ما لا نهاية لها وتطوراته المتماثلة الغير المتكررة. وتشعشعاته المتشابهة الغير المتطابقة. وتجلياته المتناسبة الغير المتوافقة. وبعد ما قد شاهدت الوجود الحق الحقيق بالتحقق والثبوت على هذا المنوال وانكشفت لك لوامعه اللامعة ازلا وابدا على هذا المثال قد ظهر لك ولاح دونك احوال مطلق الصور والاظلال والعكوس المنعكسة منها والأمثال المترتبة عليها التي هي عبارة عن السوى والأغيار المسمى بالعالم المنعكس من مرآة العدم عند امتداد نور الوجود عليه وظهوره فيه وتبينه به ومنه إذ لا ضد للوجود سواه حتى يبينه ويكون مرآة له وظهور الوجود بلا مرآة مستحيل قطعا إذ قد احرق حينئذ سبحات وجهه ولمعات شروق تجلياته عموم ما انتهى اليه بصره مطلقا" واعلم" ان تشعشع الوجود الحق ازلا وابدا على هذا المنوال وتجدده دائما بتوهم الأشباه والأمثال انما هو دليل توحده وتشخصه سبحانه بالذات والحقيقة وان لم يكن تجليه كذلك فمن انى يعلم انفراد الذات ووحدتها وتشخصها مثلا لو فرض بقاء قرص الشمس ازلا وابدا على تشعشعها وبريقها ولمعانها الذاتية التي نشاهد منها الآن لا بد ان تكون متجلية دائما على هذا الوجه والشان المشاهد البتة بلا طريان اطوار أخر عليها وشئون شتى متخالفة لها بالذات حتى تكون باقية على حالها وشخصها وصرافة وحدتها والا فكيف يعلم انها هي شخصها وان كانت الشئون المتجددة المتواردة عليها آنا فآنا طرفة فطرفة غير متناهية في أنفسها وغير متكررة في حدود ذواتها وهكذا تجليات الحق وشئون الوجود ازلا وابدا بلا تكرر في نشآته وتجلياته أصلا بل، هو متجل دائما بتجليات متناسبة متشابهة في الكمال «٢» بلا تناه وتكرار «٣» وبالجملة العارف الفطن صاحب الذوق الصحيح والشهود التام إذا أمعن فيما أومأنا عليه وأشرنا نحوه
_________
(٢) وليس في الحقيقة وعند لتحقيق الا ذات واحدة ووجود بحت وحقيقة متحدة وهوية شخصية لها نشآت حبية وشئون ذاتية وتجليات شهودية وتطورات ثبوتية لا تجزى فيها حقيقة التي يفصلها ولا انقسام لها حتى يخصصها ويقيدها ولا توارد يعقبها ولا تعاقب يرد عليها ويلحق بها ولا تقضى يعدمها ولا انصرام يفنيها بل ما هو الا حبل الله الممدود من أزل الذات الى ابد الأسماء والصفات التي هي ايضا عين الذات لا شيء زائد عليها ملحق بها مغير لها وبالجملة لا اضافة فيها ولا نسبة بين شئونها أصلا بل نشآت الوجود كلها هذا الكل لا كمثل كل سائر الأشياء القابل للتجزئة والتقسيم حسا او عقلا او حكما حاضر حاصل بالفعل بلا توهم ابتداء وانتهاء واحاطة بداية ونهاية وذهاب وغيبة وتجدد وحدوث ودبور وعبور وافول وعقود بل هي مقضية حسب التجلي الحبى المشار اليه في الحديث القدسي لإظهار آثار وإبراز أشباح وأمثال لا بداية لها ولا نهاية تحصرها مرسمة منها منعكسة عنها على مرآة العدم وسراب العالم وتلك الآثار والاظلال المرسومة والعكوس والأشباح المموهة المعدومة معروضة للنسب الموهومة ومحل للكثرات المتوهمة والإضافات المعدومة التي يتوهمها احلام المحجوبين المحبوسين في سجن الطبائع والأركان المتفرعة على سجين الإمكان المستتبع لسلاسل الزمان وأغلال المكان الحاصلة كلها من النسب والإضافات المتوهمة المترتبة على التجزى المخيل والاهمام الموهومة والكثرة المصورة والتعدد المعدوم وبالجملة الحقيقة المتحدة الإلهية لا تعدد فيها أصلا ولا تجزى بين شئونها ونشآتها مطلقا حتى تصور فيها ترتب وترتيب ولا بساطة لها ولا تركيب ولا تعدد فيها ولا تعقيب وكذا فيما يترتب عليها وينعكس منها من الآثار والاظلال ازلا وابدا في الحوادث الكائنة الماضية والآتية مطلقا عند العارف المحقق المتحقق بمرتبة الكشف والشهود والمتمكن في المقام المحمود الوارد على الحوض المورود الذي هو عبارة عن صفاء بحر الوجود إذ هو نور على نور يهدى الله لنوره من يشاء ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور والمحجوب المجبول على الغفلة والضلال. محروم عن ذوق الوصال. والله اعلم بحقائق مطلق المقال. والحمد لله على كل حال. منه
(٣) بل هو عند التحقيق تجل واحد لا تعدد فيه ولا تكرر ولا تجدد الا وهما منه
1 / 5